رحل (أبو رياض)..‏أحبني، وأحب أبي وإخوتي، حتى صرنا أسرة واحدة..على مدى أربعين عاما ..

صحيفة همة نيوز : بقلم الدكتور خالد بن سعود الحليبي ..

‏رحل الصوت الأثيري الصادق، الذي يصل إلى القلب قبل السمع.

‏رحل القلم الذي بقي وفيًا لدينه ولوطنه حتى آخر قطرة من حبره.

‏رحل أستاذ الجيل الذي أبرز عشرات الأصوات الأديبة الشاعرة الشابة ثم تولَّى إلى الظل..

‏رحل بصمت .. كما عاش بصمت ..

‏فجعني النبأ مع أن موته لم يأت فجأة، فقد جرعنا مرضه مرارة الفقد قبل أن يختاره الله إلى جواره..

‏أخذني دوار الذكريات الرهيب
‏تتابعُ الصور .. قاطراتُ المواقف ..

‏أكثر من أربعين عامًا لم تفتر فيها عاطفة، ولم يخفت فيها تواصل إلا في الفترات الصعبة من المرض والتعب اللذين لازماه حتى لحق بربه الذي أحبه..
‏
‏لم تكن تلك علاقة تلميذ عشريني يخطو في ساحة الأدب ويهتبل فرص اللقاء بالعمالقة ليختصر المسافات، ويحصل على رحيق الخبرات، لا ..

بل كانت علاقة ابن بأبيه، وتلميذ بأستاذه، أحبّه وتعلقت نفسه بروحه الجميلة المعطية بلا حدود.

‏رغم فارق السن، غير أنه لم يشعرني بذلك يومًا ما، بل كان يعاملني صديقًا خاصًا، تجاوز حواجز المجاملات إلى خصوصية العلاقة.

‏أحبني، وأحب أبي وإخوتي، حتى صرنا أسرة واحدة..

‏تخلُقُ العلاقات وتذبل حين تكون مرتبطة بالمصالح المؤقتة، وتنمو وتزدهر وتخلد حين تكون مؤسسة على الصدق والحب، ..

وفي علاقتي بأستاذي مبارك بن إبراهيم أبوبشيت على شيء ما يعجز بياني أن أعبر عنه بلفظ!! لكنه حتمًا يغمرني حين أهاتفه، أو أجالسه، أو أسافر معه، أو أتلقى رسائله، أو ..

‏أنَّى لخاطرةٍ كهذه أن تحمل مشاعر
‏أكثر من أربعين عامًا .. لم تخبُ يومًا مشاعل الود فيها ولم تتتوقف غصون التواصل عن التبرعم والتورد ..

‏حقك – يا أبا رياض – أكبر من مساحة محدودة كهذه .. لكنه زفرةٌ كان لابد أن تتنفس.

‏رحمك الله وغفر لك ورفع درجاتك وجعل ما أصابك كفارة لك.
‏محبك خالد