أخبار عاجلة
الرئيسية > أخبار السعودية > سياله .. ونبض الذاكرة 10..

سياله .. ونبض الذاكرة 10..

صحيفة همة نيوز : بقلم : أ. عبدالله بن حمد المطلق ..

ذاكرة البراحات… والمكان الذي لا يموت :

رواية الكبار، لا تُذكر “الطرف” القديمة دون أن تُذكر براحاتها وفرجانها وسككها ، تلك المساحات المفتوحة التي كانت ملتقى الناس، ملعب الأطفال، ومجالس المسنين، ومنها:
• براحة سيّالة.
• براحة المهنا.
• براحة الوصيلي.
• براحة الشعيبي .
• براحة الجوهر.
• براحة الخيل (العسكر)
• براحة الشرقية.

  • براحة ال شعران .

هذه البراحات لم تكن مجرد ساحات، بل كانت مراكز الحياة الاجتماعية، تُقام فيها المناسبات، وتُتداول فيها الأخبار، ويتجمع فيها الناس لأداء مناسبات الافراح أو الاحتفال بالأعياد ، وكانت تربطها أزقة ضيقة يُطلق عليها سكك أو دواعيس، تفصل بين الفرجان، وتربط البراحة بالمسجد أو بالمزرعة أو بالسوق.

  • الحي.. والفريج.. والروح الاجتماعية :

تُقسم “الطرف” قديمًا إلى أحياء – أو ما يُعرف محليًا بـ”الفرجان” – وكانت كل مجموعة من البيوت المتلاصقة تُسمى فريجًا، ولكل فريج خصوصيته: سكانه، لهجته، عاداته، وحتى حكاياته الشعبية في الفريج، الجميع يعرف بعضهم، ويتعاونون في السراء والضراء ، كانت الفريج الوحدة الاجتماعية الأصيلة التي بنى عليها المجتمع الأحسائي ترابطه.

  • السكك والدواعيس.. ممرات الذكرى :

تتناثر سكك الطرف كشبكة من الشرايين، تُفضي بك إلى زوايا مليئة بالحياة ، بعض هذه السكك كانت مغطاة بما يُسمى “السباط” – وهو ممر مغطى يربط بين بيتين، يمنح الناس بعض الظل ويضفي على المكان طابعًا معماريًا فريدًا في الدواعيس، كان الأطفال يلعبون، والنساء يتبادلن الأحاديث، والرجال يمرّون إلى البساتين أو إلى السوق.

  • المزارع.. وعين برابر :

تحف الطرف من جهاتها الشمالية والغربية والجنوبية مزارع النخيل، التي ما زالت تروي الأرض والعين بذكرياتها ، وأهم روافدها عين برابر، تلك العين التي تبدأ من موقع الزبدا شرق الهفوف، وتسلك طريقًا طويلًا، تمر فيه على القرى المجاورة: بني نحو، بني معن، الشهارين، المنصورة، المنيزلة، الفضول، المزاوي، العقار، الجفر… حتى تصل إلى نخيل الطرف، فتتفرع منها جداول تُسقي الأرض وتُحيي المزارع بمسميات متعددة : كساب – العقرية – البديعة أبا الكراوين – الجصة – الثورية فرع قطر – الشريمية – الشطية – الدياكي – المعومرة ومسميات كثيرة .
في ذلك الزمن، لم تكن المياه تُشترى، بل كانت تأتي جارية من عين إلى عين، من جدول إلى جدول، تُغني المزارع والناس على حد سواء.

  • التحول الحضري… الحنين المؤلم :

تغيّرت القرية ، لم تعد كما كانت أصبح البعض يشعر بالغربة فيها، رغم أنها مسقط الرأس. صارت “الطرف” اليوم مدينة حديثة، تضم أحياء راقية ومرافق متكاملة، من مدارس ومحلات وأسواق. وهذا – رغم أنه تطور طبيعي – إلا أنه يترك أثرًا في النفوس.
“أصبحت أرى وجوهًا لا أعرفها… وأشعر أنني الغريب في أرضي!”
لكن تلك الغربة ليست حقيقية، بل هي صراع بين الانتماء للمكان الأول، وبين التكيف مع التغير الجديد ، فالتطور فرض على أبناء القرى أن ينتقلوا إلى الأحياء الحديثة، بينما وفد آخرون للسكن في الديرة القديمة، فصارت الذاكرة تحتفظ بالمكان، أكثر مما تحتفظ بالناس.

  • بين الزائر والمواطن.. الجميع للوطن :
    في ظل التحول السكاني، لم يعد من يسكن “الطرف” اليوم من أهلها فقط، بل وفد إليها من جاورها، فصارت بوتقة للتنوع، وساحة للاندماج، يشارك الجميع في حبها، وتظل أرضها ترحب بكل من يعمرها ، إنها قصة الوطن الأوسع، الذي يحتضن أبناءه مهما اختلفت أصولهم ومساراتهم.
  • الخاتمة.. من السماء إلى الأرض :

في رحلة الخيال التي يعيشها المؤرخ بين السماء والأرض، يُعيد تشكيل الصورة من الأعلى، يكتب ما تراه العين، وتنبض به الذاكرة. فالطين، والجدران المتساقطة، والسقوف المائلة، كلها تنبض بحياة لم تمت بعد ! حياة تحكيها النخلة، والجدار، والداعوس، والبراحة.
وهكذا، فإن “الطرف” ليست مجرد بلدة تغيرت، بل هي صفحة من كتاب تاريخ الأحساء، وكل دروازة فيها، وكل فريج، وكل سكة، تحمل رواية تستحق أن تُروى.

عبدالله بورسيس

عن عبدالله بورسيس

شاهد أيضاً

مسرحيو الأحساء يحتفلون بمسرحية طوق في مقر الجمعية بعد تمثيلهم المشرف الاول للمسرح السعودي…

Share this on WhatsApp صحيفة همة نيوزعبدالله ناصرالعيد في ليلة من ليالي الف للية وليلة ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com