
صحيفة همة نيوز : عبدالرحمن قحل ..
تُعد المجالس من أهم مظاهر العلاقات الاجتماعية فهي ملتقى القلوب والعقول ومصدر لتبادل الآراء وتفريغ الهموم وتشارك الأسرار. ومن الطبيعي أن تنشأ الثقة بين المتجالسين ما يجعلهم يبوحون بما لا يُقال في العلن. ولكن حين تُخرق هذه الثقة وتُفشى الأسرار أو يُساء استخدام الكلام الذي قيل في المجلس تُرتكب خيانة تُعرف بـ “خيانة المجالس”.
وتعرف بأنها إفشاء ما يُقال في مجلس خاص دون إذن صاحبه أو نقل الكلام بما يسبب الفتنة أو تحريف الحديث أو استغلال ما قيل في غير موضعه أو وجهته.
وهي لا تقتصر على إفشاء الأسرار فقط بل تشمل أيضًا استخدام ما قيل في المجلس للطعن في الناس أو للإضرار بالمصلحة العامة أو الخاصة.
قال النبي ﷺ:
“لا يتجالسُ قومٌ إلا بالأمانةِ” .
وهذا الحديث الشريف يضع قاعدة شرعية وأخلاقية واضحة بأن كل ما يُقال في مجلس خاص هو أمانه لا يجوز كشفها أو نقلها إلا بإذن صريح.
ومن أشكال خيانة المجالس عدة صور منها:
نقل الحديث للغير لإثارة الفتنة أو الإضرار.• نقل أسرار شخصية قيلت في لحظة ثقة.
• تسجيل أو تصوير المجالس دون علم الحاضرين.
• تحريف الكلام أو اقتطاعه من سياقه لإساءة الفهم.
• تصوير شاشةالجوال والكمبيوتر للمحادثات العامة أو الخاصة ونشرها في مراكز التواصل الاجتماعي بغرض التحريض أو تأجيج المجتمعات أو الإضرار بمرسلها.
ة
• تسجيل المكالمات الهاتفية بدون إذن المتَّصَل عليه أو وضع الهاتف عند مكبِّر الصوت (السماعة الخارجية أو الميكروفون) وفتحه على الملأ من الناس
دون إذن المتصل أو المتصل به قال النبي ﷺ:
“مَن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صُبَّ في أذنيه الآنك يوم القيامة”.
ولها آثار عدة على مستوى الفرد والمجتمعات ومن أبرزها هدم الثقة بين
الناس مما يجعل الأفراد يحجمون عن المصارحة أو الحديث بحريةوتفكك العلاقات الاجتماعية سواء على مستوى الأصدقاء أو العائلة أو حتى الزملاءونشر الفتن والشائعات خاصة إذا استُخدم ما نُقل في إشعال نار الحقد أو التحريض والوقوع في الإثم لأن هذه الخيانة تدخل في باب الغيبة والنميمة والخداع.
ونعلم يقيناً بأنها من المحرمات وقد تدخل في أبواب الكبائر إذا ترتب عليها ضرر كبير أو فتنة. فالأمانة من صفات المؤمنين والخيانة من صفات المنافقين.
قال الله تعالى:
“إن الله لا يحب الخائنين”
[الأنفال: 58]
ومن الإمكان أن نحصن أنفسنا منها بطرق عديدة أهمها التحلي بالأمانة والصدق في القول والفعل وعدم نقل أي حديث قيل في مجلس دون إذن صريح و تجنب حضور المجالس التي يُعرف عنها النميمة أو الغيبة.
أخي القارئ الكريم
خيانة المجالس ليست فقط خيانة لأشخاص بل خيانة لقيمة عظيمة من قيم الإسلام وهي الأمانة. وإذا انعدمت سقطت المجتمعات في الفوضى وتفككت العلاقات وغابت الطمأنينة.
فليكن شعارنا دائمًا:
“من دخل مجلسنا فهو آمن” ولا نكن ممن يفرطون في أمانة القول فالكلمات سلاح قد تقتل العلاقات أكثر مما تتخيل.