
صحيفة همة نيوز : بقلم الدكتورة / معصومه العبدالرضا..
في زمن امتلأت فيه الجداول بالمناسبات، من حفلات الزفاف إلى التخرّج وأعياد الميلاد، أصبح لزامًا علينا أن نُعيد ترتيب أولوياتنا في فهم العلاقات، ونُعيد تعريف أدب التواصل في ظل تغير نمط الدعوات الاجتماعية.
لقد تحوّلت المناسبات من كونها لحظات فرح نشاركها بحب، إلى اختبارات للعلاقات ومقاييس للود والاحترام، نحمّلها أحيانًا أكثر مما تحتمل.
من الطبيعي أن نُسرّ عندما نُدعى، لكن الأهم هو ألا نغضب حين لا نُدعى.
فالقلوب الراقية لا تُقاس بعدد الدعوات، بل بقدرتها على الصفح، وسعة صدرها في تفسير المواقف بحسن ظن.
إن قَبول الاعتذار غير المُعلن، وتفهُّم ظروف الآخرين دون سؤال، من أنبل صفات النضج الاجتماعي.
أحيانًا، لا تتسع القاعات للجميع، ولا تسمح الظروف بدعوة كل الأحبة، فهل نُحاكم علاقتنا كلها بسبب ورقة لم تصل أو رسالة لم تُرسل؟
وهل نُقاطع صديقة عمر لأن ابنها لم يرسل دعوة؟
إننا بذلك نختزل سنوات المودة في لحظة، ونُقايض دفء القلوب بكرت دعوة !
كم من علاقات انتهت بسبب موقف اجتماعي عابر؟
وكم من صداقات انكسرت لأننا لم نُحسن الظن؟
إن أدب العلاقات يعلّمنا أن الود لا يُقاس بالمظاهر، وأن المحبة ليست مشروطة بالحضور، بل تُزهر في الغياب كما في اللقاء.
لنجعل من كل مناسبة فرصة لاختبار كرم النفس، لا ضيقها.
ولنُربِّ أنفسنا على أن نبارك من بعيد، وندعو بالخير، ونبتهج لأفراح من نحب حتى لو لم نكن في قوائم المدعوين.
فالسعادة التي نُرسِلها للغير، تعود إلينا أضعافًا في قلوب أنقى وعلاقات أصفى.
في زمن المناسبات… لنرتقِ بأدب العلاقات.