صحيفة همة نيوز: بقلم أ . عبدالله بن حمد المطلق ..
يوم الرابع عشر من شهر رمضان من عام 1446هـ ، لم يكن يوما عاديا ، فهذا اليوم يمثل يوم عادة إعتادها الآباء والأجداد والأمهات فتوارثها الأبناء والبنات ، وما زالت موجودة حتى وقتنا الحاضر في مدينة الطرف خاصة والأحساء والخليج العربي بصفة عامة .
فبعد صلاة العشاء من هذا اليوم حركة دؤوبة من الأطفال والرجال والنساء وهم يرتدون احلى الملابس التراثية التي تزينهم ، وتجعل منهم لوحة فنية تمشي على الأرض .
إذ تشكل الأزياء التراثية السعودية منظوراً ثقافيا كبيراً، فهي كانت وما زالت لها بصمة واضحة في المجتمع السعودي سواء في الماضي أو الحاضر، فالأزياء السعودية التراثية تلهم بألوانها ونقوشها وتصاميمها الكثير من المجتمعات، فالذي يميز الأزياء التراثية التقليدية السعودية أنها تحظى بموروث ثقافي قديم ومتعدد، فلكل منطقة في المملكة موروثها الخاص بها .. تزين بها الرأس والأيدي – والرجلين – والملابس المزركشة بالألوان . .
ويحرص الأطفال على لبس الملابس الشعبية فيلبس الأولاد الطاقية والدشداشة والإزار ، بالإضافة إلى النعال الشعبية .. أما البنات فيلبسن الدراعات التراثية والبخنق وهما :
قماش بألوان مختلفة مطرزة، مع الترتر الذي يُوضع على الرأس، ويحمل كل منهم كيسًا لجمع المكسرات والحلوى،
وعادةً ما تبدأ هذه الفعالية بعد صلاة المغرب أو العشاء وعلى حسب الأجواء مصحوبة بالأغاني الشعبية.
فيأخذ الأطفال بعد إفطارهم بأذان العشاء والتراويح في التجمع والسير حاملين حول أعناقهم أكياسًا قماشية أو سلالًا من الخوص ويرددون الأهازيج والأناشيد الشعبية ، فيبدأون بالمرور على البيوت لتجميع المكسرات والحلوى من أهل الأحياء الشعبية.
ومن الأهازيج والأناشيد التي يرددونها:
قرقع قرقع قرقيعان
عطونا الله يعطيكم
بيت مكة يوديكم
يا مكة يا معمورة
يا أم السلاسل و الذهب
يانورة
عطونا من مال الله
يسلم لكم عبد الله
عطونا ملية ميزان
يسلم لكم عزيزان
باب الكرم ما صكه
ولا حط له بوابة
نعم هذه من الأهازيج التي تردد في يوم القرقيعان قبل الدخول الى المنزل
نعم ..السكك والشوارع والأزقة مزدحمة بالناس وهم يرددون أهزوجة القرقيعان ، حاولت الدخول إليها بسيارتي لكن الإزدحام جعلني أوقفها في إحدى البراحات ؟
وأترجل المشي بين هذه الشوارع لنعيد الذكريات التي كنا مارسناها من قبل ، وهو طرق الأبواب وترديد الأهزوجة وفعلا الناس تستقبلك بنفس طيبة وروح بشوشة .. يرحبون بك وبكل من معك .. لقد عشت طفولتي التي كنت قد عشتها وأنا اتنقل من سكة إلى سكة ومن بيت إلى بيت يهدونك مايمتلكونه من القرقيعان الذي تم إعداده في أكياس أشكال وألوان ( الملبس – والحب – المكسرات – الحلويات بانواعها ) والبعض يغلف القرقيعان في أكياس أو توضع في صناديق صغيرة تهدى للأسر ..
والبعض منهم يطلب مني الدخول الى المنزل لأرى كوشة القرقيعان ، ومكتوب على كل كوشة اسم يحمل من باسمه القرقيعان .. لحظات فرح وسعادة وأنا أتقمص شخصيتي عندما كنا في أعمار الأطفال .. واصلت السير في السكك الضيقة من امامي رجال ونساء وأطفال ، ومن خلفي رجال ونساء وأطفال وواجهات المنازل مزينة بالإضاءة الملونة ويهيم خيالك وكأنك تعيش أجواء مناسبة زواج تبهرك بألوانها التي تجعلك تقف بشموخ وكأنك أنت المعرس الذي يزف الى عروسه .. تنتبه على صوت أهازيج القرقيعان فتعود إلى وعيك لتعيش يوم القرقيعان معهم في نفس اللحظة ..
ويظل يوم القرقيعان الذي عشته مع الأطفال يوم خالد يحمل من الذكريات الجميلة ما يجعلك تعيش الماضي بلبس الحاضر .. فالسكك الضيقة في الحارات القديمة ورغم قدمها إلا أنها حلوة وجميلة ، وكذلك عندما تنتقل إلى الأحياء الحديثة فكأنك تنقل صورة الماضي وتلبسها ثوب الماضي .
ننتقل من منزل إلى آخر ، وكل كوشة قرقيعان تختلف عن الأخرى ، والبعض يستعد له بالتواصل مع بعض الفرق الشعبية لتطرب المكان بأحلى أنغام الأهازيج الشعبية بطلها الطبل والطار الذي يرنع .. وأجسام تتمايل طربا مع نغمات الغناء الشعبي .. هذا الغناء تسمعه فتعيش مثلما يعيشون ، تتمايل معهم وكأن الهوى والغرام قد دس في جسمك ذبذبات البث فحرك جسمك ..
وعدسات الكامرات قد رصدتك وأنت تعيش في جو الطرب .. لكنه طرب التراث الذي تعيشه في لحظات نشوة الفرح .
فالأطفال بعدما يتم الإنتهاء من القرقيعان يذهبون إلى منازلهم ، ليرى كل واحد منهم الكمية التي جمعها فبعضهم يحتفظ بها حتى يوم العيد ..كذلك من الميزات في يوم القرقيعان تبادل القرقيعان بين الاسر وكل أسرة تريد ان تتميز عن الأخرى .












