صحيفة همة نيوز بقلم : أ/ منى الصبي
الحياة رائعة حين تهبنا أرواحًا تبعث الدفء في قلوبنا، وتشعرنا بالأمل في كل شيء، حتى في أصعب الظروف. في أوقات إحساسنا بالضعف، تأتي التفاتة منهم لنا، وانعكاسات مضيئة لتلك الأرواح، تعيد لنا الاستقرار والتوازن لنبدأ من جديد..
لطالما كانت مآثر مثالًا للعطاء غير المحدود. لم يكن في حسبانها يومًا أن يتنكر لعطائها من أعطتهم جل وقتها وأفنت صحتها في سبيل تقدمهم. لقد سخرت علمها وخبرتها لرفيقات دربها في العمل الاجتماعي الخيري، حيث تتجلى قيم الإيثار وإنكار الذات لخدمة الوطن والمجتمع. هنا يتعاظم العطاء، وتسمو الأرواح أمام كفكفت دموع المحتاجين، وتسكين جراح الفاقدين، وزرع الابتسامة على شفاه البائسين..
لكنها واجهت صدمة قاسية عندما تنكرت لها من اعتبرتهن صديقات، بل ارتقت بمنزلتهن للأخوة الحقّة. كانت إحدى رفيقاتها تمر بظروف صعبة في حياتها الشخصية، مما جعلها تعيد تقييم أولوياتها. شعرت بأن الضغط الذي تعاني منه يجعل من العمل الخيري عبئًا إضافيًا، فابتعدت عن مآثر، تاركة إياها في حالة من الخذلان والوحدة. هذه الصدمة جعلتها تقعد لفترة في الفراش تعاني المرض والألم..
لكن ما إن تعافت حتى أدركت أنها تستطيع مواصلة العمل الخيري وحدها، وقررت أن تبدأ من جديد. استهدفت الفتيات الشابات لتنمية مواهبهن وصقلهن في مجال التواصل والإلقاء الفعّال، فأسست “نادي الأمل” للتواصل والاستشارات. أصبح النادي منصة حيوية لتمكين الفتيات وتزويدهن بالمعرفة اللازمة لبناء مستقبل مشرق..
من بين الفتيات الموهوبات، برزت الدكتورة أمل، التي كانت تلميذة طموحة ومكافحة. كان لديها حلم كبير في تحقيق أهدافها الأكاديمية، وكانت دائمًا تسعى للتميز. لم تكن تتوانى عن بذل الجهد لتحقيق طموحاتها، مما جعلها مثالًا يحتذى به بين زميلاتها. كانت أمل تبذل ساعات طويلة في الدراسة، بالإضافة إلى مشاركتها في الأنشطة الخيرية، مما ساعدها على تطوير مهاراتها القيادية..
بعد سنوات من العمل الشاق والتفاني، استطاعت أمل أن تكمل دراستها العليا وتحقق الدكتوراه في مجالها، معززة بذلك مسيرة مآثر وداعمة لقيم العطاء. كانت إنجازاتها ليست مجرد انتصارات شخصية، بل تجسيدًا للرؤية التي تبنتها مآثر، والتي كانت تؤمن بقدرة كل فتاة على تحقيق أحلامها..
تخرجت الدفعات تلو الأخرى، وتوالت السنوات حتى دُعيت إلى أحد الحفلات من شخصية مرموقة في البلد. حضرت مآثر الحفل، وحدث شيء أدهشها وجعلها تسجد لله شكرًا، حيث عانقت تلك الزهرة التي روتها يومًا، وهي أمل، التي أحرزت إنجازاتها بفضل إيمانها بنفسها وبمساعدة مآثر..
ما إن اكتمل الحضور حتى ألقت كلمتها، حيث شكرت مآثر التي كانت الكلمة الرنانة والأثر الذي لا يُمحى في توصياتها ودعمها لها. هكذا تحدثت أمل عن مآثر، مشيدة بجهودها لسنوات، وقالت: “الشمس لا تُغطى بمنخل، ومآثر شمس لا يخفى بريقها ولا ينكر فضلها. ويحق لنا اليوم أن نفتخر بجهودها ومآثرها الطيبة في جنبات وطننا الحبيب..