الرئيسية > أخبار السعودية > في حضرة براحة الخيل. لخليل إبراهيم الفزيع. ..

في حضرة براحة الخيل. لخليل إبراهيم الفزيع. ..

صحيفة همة نيوز : بقلم: عبدالله النصر.*..

من الينابيع الدفاقة
المتباينة لهجر.. تبزغ رواية (براحة الخيل)، كنخلة فارعة ضاربة جذورها في عمق من أعماق البيئة الأحسائية، متجذرة في أصالته، تستنبط من تاريخه العريق أفكارها، ومن تراثه المجيد حكاياتها، ومن أثره النقي شخصياتها..

أخذت من البعد الإنساني محوراً رئيساً لاتجاهها، ووقفت على هَـمٍ من هموم هذا الإنسان وقضيته واثبات إرادته وصموده في مواجهة التحديات التي يواجهها على صعد الحياة المختلفة من حوله، بل غاصت في أعماق هذا الإنسان، فکشفت النقاب عما يعتمل في داخلة من قلق واحساس وألم وأمل..

رواية (براحة الخيل) التي اتخذت من الإنسان موضوعًا لها، حملت في طيها بعداً كبيراً من الأبعاد الإنسانية، متمثلاً في البعد النفسي الوجودي الذي يتعلق بالفرد وبنفسه، محاولة للوجود بالقوة، فتضمن هذا البعد وجهات نظر الكاتب حول شخصياته وخبراته السابقة واحتمالات خياراته الوجودية المستقبلية، الاقتصادي، وكذلك الاجتماعي، من زاوية متطلبات الفرد واهتماماته وأهدافه ومشكلاته ومصيرة، وحاول فيها تسليط الضوء على حقبة طويلة من الفقر المدقع الذي طال الكثير من أهالي الأحساء بنحو عام، وبنحو خاص أهالي حي الكوت بمدينة الهفوف.. سعيا وراء كشف وفهم عالمه ودور الإنسان فيه.. الإنسان الذي رغم الفقر الجبار القاسي – الذي صوره كاتب الرواية – بقيت قيمه الوجودية الروحية قائمة فيه، ثابتة لم تتغير، كالدين وأخلاقه ومثله العليا..

رواية (براحة الخيل) كُتبتْ بأسلوب العارف العليم بكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة، سواء أكانت مضمرة في النفس، أو كانت بادية على مُظهِرها الجسد وانفعالاته.
كُتبتْ بأسلوب بسيط، واضح، غير متكلف، ليس فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ الصَّنْعَةِ وَالْحَذْلَقَةِ، غير معقد، لا متشابك ولا متداخل الأحداث، منتظم تماماً، متوازٍ، مستقيم، همه نقل وإيصال تلك الأحداث موجزة، مختصرة، متسارعة، قافزة على الزمن. يرويها كما حصلت بالضبط دون محسنات اللغة واللفظ، ولا متكئاً على غث وكثرة التمثيل والتشبيه والخيال والمجاز والاستعارات ولا على الرموز والغموض.. نثر واقعي بامتياز مكتوب بطريقة مقنعة وحقائق تُروى على شكل القصة مع التركيز على دقة المعلومات الواردة حول الأحداث ومكانها، سعى الكاتب فيها إلى إعلام القارئ حول موضوعه الذي عينه ولجأ إليه.. واستخدم واستحضر الآثار التاريخية المتعلقة ببيئة الشخصية الرئيسة، أحياناً كفاعل أساسي وكبيئة حاضنة تروى فيها الأحداث وتتأثر بها الشخوص، وأحياناً استحضرها مجرد خلفية ومعلومة مفيدة داعمه.. حيث تحدث عن براحة الخيل في حي الكوت، وتحدث عن قصر السراج الذي تحول بعد تعميره عدة مرات إلى مقر لإمارة منطقة الأحساء، ثم تحدث عن جامع الجبري، وعن قصر إبراهيم وما فيه من مساجد، وغيرها من الآثار الهامة.. كل ذلك حضر أثناء الحديث عن الشخصية الرئيسة (فرحان) وتنقلاته، فرحان الفقير، الوحيد، الذي نشأ بلا أهل، وبلا أقرباء، الذي سار على نهج أبيه المتوفى، في الصدق والاستقامة واستنكار الغش والاحتيال رغم المعاناة والعوز الكبيرين اللذين تكبدهما وعانى منهما ردحاً من الزمن هو وأسرته التي أنشأها أيضاً على الفضيلة، فتخطاهما بهذه القوى الروحية والأخلاقية، فأصبح في بيت كبير متسع، تعشعش فيه روح التآلف والقوة، يشار إليه بالبنان، إلى أن صعدت روحه إلى بارئها أثناء تأدية الحج دهساً غير مقصود.

*عبدالله النصر. قاص وروائي.

عبدالله بورسيس

عن عبدالله بورسيس

شاهد أيضاً

ميعاد الفرح يُخرج (35) طالبة وعامله فلبينيه تشهر اسلامها..

Share this on WhatsApp صحيفة همة نيوز عبدالله ناصر العيد في موعد استثنائي كرّمت جمعية ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com