أخبار عاجلة
الرئيسية > أخبار السعودية > حكايات واساطير وقصص شعبية من الأحساء 27..

حكايات واساطير وقصص شعبية من الأحساء 27..

سنة الطبعة 2-2


صحيفة همة نيوز : عبدالله المطلق ..

نواصل حديثنا عن الروايات التي تروى عن سنة الطبعة التي وقعت في الخليج العربي .

أما فمي فقد بدأ يتوسع وتشقق في اتجاه الخدود من عظم اليبوسة ،وقطرات من الدم تنزل من صدغي ، وتغيب الشمس وتبدأ طلوعها لليوم السادس فشعرت بالموت أنه قادم لا محالة ! وشعرت بالتعب والدوخة فاستغربت من نفسي فمرة أرى الشمس ، وأخرى لا أراها !!

واشعرأن البحر يدور والشمس حمراء !! كأني ارها أمامي !! ومرة لا أراها !! وعلى مطلعها لاح الرؤية عني !! وسمعت كلاماً يقول : هذا صهريج عليه طائر !! وأسمع آخر يقول الله يعلم بأنه ابن آدم !! فما اقتربوا مني !! وهم يتخاصمون حولي كل يريد الأجر واحد يقول : حي ، وآخر يقول : دعوني اضع يدي على جسمه فتجرأ أحدهم ولمسني فحملوني كلهم واحد مسك رجل وآخر مسك ساقي وآخر مسك فخذي وآخر مسك رأسي فحملوني وأسمعهم يقولون متخاصمين فيما بينهم وأنا محمول ، واحدهم يقول دعوني أمسك رجله أو يده وتعاونوا مع بعض فوضعوني عند النوخذه حاولت طلب ماء ، ولم أقدر لانشقاق فمي في اتجاه الخد !!

ولكن بعدما تأكدوا من نبضات قلبي قطروا قطرات ماء بفنجان في فمي فلم تقبله المعدة! حاولوا بضعة محاولات ولكن ما يصل فيه الحلقوم حتى أمجه على ثياب النوخذه والمحل الذي أنا فيه حتى صبغ ثوبه وهو يمسحه بيده ، والبحارة تضع شحم الودك على صدري ،وشعرت بخل يسير في جسمي بالرقبة والكتف والصدر .

بعدها شربت فنجان ماء فلما رجعته شعرت بجسمي يتناول كأن فيه تياراً كهربائي ، وشربت فنجان ماء آخر بدأت يدي اليسرى فيها شيء من الداخل في العروق بعدها نطق الله لساني فقلت لهم : اعطوني ماءً الله يرحم والديكم !!

فأحضر أحدهم فنجاناً من الماء ممروس فيه قليل من التمر، فلما شربته شعرت بأن جسمي بدأت تدب فيه الحياة، ثم طلب النوخذه شراعاً وكفنوني به ،ووضع النوخذه يده على قلبي فأغمضت عيني ونمت ، ثم استيقظت فشممت رائحة طبيخ ، فلما تحركت سمعت النوخذه يقول : ابشركم خيراً أن الرجل حي !! فتحركت بعدها نزع مني الشراع ثم غير واشحم الودك الذي على صدري ، فطلبت ماءً فقال النوخذه احضروا ماء وضعوا فيه قليلاً من السكر فأعطوني قدر فنجان من الماء ، فلما شربته استقر في معدتي والأول مرة يستقر الماء في بطني ، والا كلما شربت شيئاً لفظته لعدم قبول المعدة له لحالتي السيئة .

فقال النوخذه : الحمد لله على السلامة لا اله الا الله محمد رسول الله ، سبحان من يحي العظام وهي رميم ! فسألني تريد أكلاً ؟ فقلت : نعم فجاؤ لي بغذاء تركوه لي وانتبهت أن فمي مازال مغلقاً فكان النوخذه يناولني الزاد بيده بخفة ويعطيني ماء ، ثم نظفوني من بعد الأكل وشعرت بأني أريد الكلام وفعلاً سألني النوخذه ؟

من أنت يارجل ؟

وكان لساني يريد ان ينطق ببنت شفه فقلت له : أنا من البحرين واسمي حسين بن إبراهيم الفريح من الرفاع الشرقي .

فقال : من نوخذاك ؟

قلت له : مبارك بن يعقوب من حلة ماهر وفي المنامة توجد أختي ومتزوجة وزوجها ابراهيم الشنو عنده دكان يعمل في قيطان الزري للبشوت للشيوخ .

فلما وصلنا الدوحة مسك يدي النوخذه ، وذهبت معه للبيت فدخلت معه في غرفته ،وقال لزوجته وبناته السبع هذا ما كلته السمك .. الله .. الله فيه فقالت الأم : سلامات فبكت من يوم الطبعة إلى هذا اليوم !؟
فأومأت براسي فبكت صارخة ، وجاءت بناتها يندبن حولي وقال : لقد ولدت من جديد لقد ولدت من جديد .. ولدت من جديد ، ومع الصياح والبكاء والنواح جاء أهل الحارة من رجال ونساء ينظرون إلى الرجل الذي اكلته السمك بعد ان نزع ثوبه ، ولبس إزاراً وقالت : انظروا إلى صدره لم يبق الا العظام !!

وقد ابعدوا عني الودك وجاؤا بقوارير فيها دهان فمرخوا جسمي ولاحظت على النساء انها لا تدخل وتهنئهم بالسلامة كأنني ولدهم الا ومعها كساء وعشر ربيات او خمس عشرة روبية حتى امتلأت تلك الغرفة بالملبوسات والروبيات ، ويسألون عن حالي إذا كنت محتاجاً لمساعدة وزوجة النوخذة تقول : هذا ولدنا ما علية قصور .

عرفت بعد ذلك أن النوخذة من نعيم وعنده زوجتين زوجة في عمان والزوجة الثانية في الدوحة قطر وله لحية بيضاء طويلة وعريضة تحبئ صدره ولا ترى ازار ثوبه من طولها ، فكان رحمة الله عليه وقف بجانبي وقفة رغم اني وسخت ثيابه ومازلت أذكره الله يحرم عظامه من النار ، ومكثت ثلاثة أيام وكان عمري مايقارب ستة عشر عاماً ..

وجلست في بيت النوخذة بضعة أيام حتى تحسنت صحتي وبدأت أمشي على قدمي وبعد أن علمت أن لي اخاً وأختاً وأبا وأماً !! زاد بكاءهم وتجددت جروحهم فجاءت زوجة النوخذه فقالت : اليوم ثالث عندنا فبدأ يمشي ويتحرك ولكن أهله الذين اعتبروه في عداد المفقودين !!

فكلفت أحد رجال النوخذه : ان يذهب إلى البحرين ويبشر أمه واليوم عندنا ثالث .

قال زوجها : إن شاء الله والحمد لله على السلامة إن شاء الله يوم غدٍ نتوجه إلى البحرين .

فقد اعطوني كساء وربيات لا أعلم كم عددها !! وقلة تمر وفي اليوم الثاني نقلوني إلى مركبهم وعبرت إلى البحرين والحمد لله وصلت بالسلامة ثم نزلنا من المركب ونقلتنا سيارة إلى بيت النوخذه مبارك بن يعقوب ولم نجد الا والده يعقوب !!
فلما رآني ضمني إلى صدره وبكي بكاءً شديداً ، فلم يفكني الا النوخذه النعيمي الذي كان معي وقال له : تعوذ بالله من الشيطان الرجيم يابو مبارك ماتشوف الدم في ثيابه مازال صدره ما كله السمك فتركني وجلست مستريحاً .

وقلت : بشرني عن النوخذه مبارك ؟

قال يطلبك الحلم لما كان ما كان أن تطبع المركب بالجزوا، فحاول نزع السكان ولكنه صك السكان على خصاه ومات رحمه الله .

فقال النوخذه : هذا حسين وصل عندك وأمانة أوصلة إلى أهله ..

قال أبو مبارك يعقوب : ماقصرت وقال لأحد جلسائه ، قم واحضر السيارة فلما جاء بالسيارة قال للسائق : أوصله إلى باب إبراهيم الشنو ولا تتركه !

فما أن وصلت السيارة إلى لبيت الا خرج والده بعد أن وصله الخبر فبكى بكاء شديداً وضم ولده حسين إلى صدره ، ثم جاءت أخته ، وهو يـتألم من صدره الذي اكلته السمك فبعد أن هدأ روعهم قال السائق يا بوحسين يسلم عليك بو مبارك ” النوخذه ” ويقول ضروري ضروري تنشر النشر على بيتك لسلامة الوصول .

وما جلست دقائق الا قالت أختي لنسيبي لا بد من أن توصله إلى أهله ؟

قال النسيب : من أصبح أفلح وغداً الصباح قالت : الآن ولاينام الا في منزل أهلي فقمت بإيصاله إلى الدفاع الشرقي ، ولما وصلنا ضمني والدي إلى صدره مرة أخرى ثم جاءت أمي وقالت : ما أصدق ؟ ثم وقفت حولي وقالت : انت ولدي حسين الأحول ؟ قلت : نعم فرفعت يداها تريد ضمني إلى صدرها فأغمي عليها !! فجاؤوا بماء وصب به على رأسها ووجهها وبعد لحظة أفاقت والناس من حولي رجالاً ونساء وأولاد الحارة يبكون ، ثم رفعت عينها ثانية وقالت : انت ولدي حسين الأحول ؟ ! فهززت رأسي والدموع تنزل من عيوني ، فحاولت مسكي بيدها ثم اغمي عليها !! وتكررهذا الموقف ثمان مرات ! كلما أرادت الاقتراب مني تخور قواها ثم سحبني والدي وأبعدني عنها.
اما والدي فقد كان كفيف البصر !! ومن كثر البكاء علي فتحت عيونه وصار ينظر إلي بدون تكلفة ، والنساء حولي يهدؤون أمي ويقولون لها : الحمد لله على السلامة ولد من جديد.

ولما سمعتها تتحدث مع النساء ، اردت أن أقبل رأسها فلم استطع !! فكنت أبكي بصوت مزعج واعطوني مرة فأكلتها وشربت ماء ، وقالوا لي النساء : تعوذ من الشيطان الرجيم ” فتصبرت وصلبت جسمي ومشيت حتى قبلت رأس أمي فضمتني إلى صدرها ، وبدأت تنوح وأنا أنوح معها ولم تبعدها عني الا النساء .

ثم خلدت بعد ذلك إلى النوم ثم قرر والدي بعد ذلك علاجي في إحدى مستشفيات البحرين ، وتم علاجي في مستشفى القلعة بالبحرين فعولجت ولله الحمد من الله علي بالشفاء والعافية وقالت والدتي : حلفت علي ان لا أدخل البحر مرة أخرى فقلت : لاتحلفين بالله ياوالدتي العزيزة عيشتي منه والله سبحانه وتعالى لا يؤخر نفساً اذا جاء أجلها خاصة أني عشت لحظات الموت في البحر ، وقصتي في يوم الطبعة قصة طويلها أرويها لكم في البيت ولا أقول الا الحمد لله على السلامة يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ..وهذا من حوادث البحر وأهواله .

عبدالله بورسيس

عن عبدالله بورسيس

شاهد أيضاً

تقرير حصري لصحيفة همة نيوز ….عن الفخار الحساوي: إرثٌ عريق يواجه تحديات الحاضر ..

Share this on WhatsApp صحيفة همة نيوز : بقلم أ. ماجد إبراهيم الغنيم .. تُعدّ ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com