سنة الطبعة عام 1342هـ ..

صحيفة همة نيوز : عبدالله المطلق ..
الحديث عن الغوص ، ومجازفات البحارة الذين عملوا في قاع البحر حديث ذو شجون ، فالحديث يجرني لأذكر المجازفات والمخاطر الصعبة التي تواجه هؤلاء البحارة ، وخصوصاً عند يهيج البحر وتضطرب الأمواج حينئذٍ يضع الغيص يده على قلبه ، ويتذكر أهله وأولاده الذين ودعوه !!
ويرجون من الله أن يعود سالماً غانماً من سفره ، وما المدة التي يغيبها عنهم ومدتها (130) يوماً الا دليل على الموت !! وهذه الآية الكريمة وردت في القرآن الكريم وتدل على مدة حداد المرأة على وفاة زوجها قال تعالى : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسكم بالمعروف والله بما تعملون خبير) البقرة – 234 .
فمن عاد من البحر فهو مولود ، والداخل فيه مفقود .
ومما روى لي أن سنة من السنوات أطلق عليها اسم ” سنة الطبعة ” تكررت مرات ، ولكن الذي اعرفه أن المرة الأولى حدثت سنة 1287هـ ، والمرة الثانية في 15 ربيع الأخر 1342هـ وتوفي في هذه الطبعة خلق كثير .
ويتفق في هذه الرواية كل من البحار سالم محمد التاعبه من الطرف والبحار عيسى الغريب من العيون بقولهما : ( )
إن اصعب حدث مربهما ليلة الطبعة عساها ما تعود ! حيث كان الوقت أول الليل عند العشاء ، وكان الهواء روق يعني راكد ، وكنا في البحر قريب السيف قبل تلك الفاجعة فألهم الله النوخذه الديهان بالرجوع إلى السيف في راس تنوره ، فأمرنا النوخذه بالخطف ، ولاندري ماهو قصده !
لكننا نمشي حسب أوامره دون اعتراض ، وهذا حظنا السعيد .. فبعد وصولنا إلى السيف ، جلسنا نتعشى فلمحنا برقاً سريعاً ومستمراً من جهة الغرب ، وقال أحد البحارة ابشروا بالخير ” المطر” جاءكم الخير ابشروا به وما هي الا دقائق معدودة حتى أخذتنا العاصفة القوية بما تحمله معها من مطر وبرد وحصى وأتربة ، وأشياء وممتلكات خفيفة .. فتفرق الجمع وانتزع وراح كل منا لايدري اين يذهب في ذلك الظلام يساير الريح القوية التي تدفعه .. وبعد ساعة من الزمن هدأت الريح وسكن كل شيء .. وقمنا نبحث عن الرفاق وأدواتنا الضائعة ، والتقينا بهم سالمين.
اما الممتلكات والقدر والملابس فقد ذهبت مع الريح ، وفي الصباح اذا بسيف البحر ترقد عليه القدور والأخشاب والحصر والثياب ، ونرى بعض الغاصة مازالوا يتمسكون ببعض الأخشاب في داخل البحر او يسبحون بيديهم لمن يجيد فن العوم أو السباحة .. فمن نجاه الله كتب له عمر جديد ، أما من غرق قذفت به الأمواج على سيف البحر ، وبعض البحارة لم يعثر له على أثر!!0
ونظمت قصائد كثيرة في سنة الطبعة الثانية ” منها قصيدة ابن عمار الذي قال :
أنا ما تهيالي بعمري وهالني
غير ليلة تقلب شعر من حكى بها
ليل على الديبل تطبع به الخشب
وكم غافل (جت) قدرته ما درى بها
هجدنا بنصف الليل من الشهر
شهرنا ربيع أول بعدة حسابها
دالوب غربي من الله مديره
ثلاث ساعات ينقض ربابها
الى ضرب بالموج موجه يشلينا
وشفنا الهواله يوم زاد اختلابها
في غبة والموج يضرب على الدقل
وشافوا غزير الموج قلب ترابها
كم جالبوت بول الموج سمرت
ضاعت جزاويها ما بعد حسابها
ياما إذا فيها من صبي وشايب
ونوخذة غالي ومال غدا بها
اهل الكباير عمهم الله بذنبهم
جميعهم بوسط الهيرو اذهب ذهابها
تفرقوا من غير جمع وجيره
والابصار ضاعت يوم عدت بحسابها
ولو أن والي العرش زاد بدقيقه
ما سلم منهم من يرد جوابها
غير أنزل الرحمه ورث عشيره
وقصة راح فيها وما بها
لاهوب هوش نهوش ونمتنع
ولا علية في البر تدفي هضابها
في رأس تنورة تدفن جنايز
وكل سيف يذكرون الغثا بها
ياراكب من عندنا فوق حرة
عملية منقية من ركابها
أدخل عليها السوق واشتر سنودها
خفف عليها لا تثقل زهابها
اشتر عقيلي وقطع وجاعد
مع قربة يكفيك من الماء شرابها
خلها مع الطاروق تضرب بك الخلا
تضرب على خد تطارد شرابها
ملفاك بنجد غيرت كل منكر
وبراية التوحيد تهفا رقابها
دار لنا والضيف ندي حقوقه
وفنجالها ما بيع بأول شبابها
يحبيك كل مشروبي ينشد عن الخبر
ينشد عن الطبعة وشللي جرابها
ينشد ونابه غارس في ابهامه
وفي صدره مقاييس توقد لها بها
وكم عيطموس يذرف الدمع عينها
من عقب لخيضب والطرب في خضابها
تبكي خليل مرمسات علومه
تبكي وهي ما خللت من ثيابها
إن طولت جينا وشافوا وجيهنا
والنفوس للمولى على ما نوى بها
هذا وتمت وصلى الله على خير المدى
اعداد ما يجرى القلم في كتابها