
صحيفة همة نيوز : بقلم الدكتوره معصومة العبدالرضا..
بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: “وقضى ربُّك ألاَّ تعبدوا إلا إيَّاهُ وبالوالدين إحسانا” الإسراء (23)
وقال تعالى: ” ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا “العنكبوت (8)
رعايةُ كبارُ السنِّ أمرٌ يتطلبُ وقفة للتأمل والفهم العميق لما ينبغي أنْ يكونَ بشأن هؤلاء النخبة الثريّة الذين أفنوا حياتهم لإعداد جيل صاعد واعد … ولا شك ديننا الحنيف وجه دعوة صريحة وبيّنة لرعايتهم والعناية بهم تكريمًا لهم بما يليق بمكانتهم.. ولا سيما إنَّهم مصدر معلوماتي كبير بناء على الخبرة المعرفيَّة المتراكمة لديهم والتجارب الثريَّة؛ وعليه تكون المسؤولية صارمة وقائمة على كافة شرائح المجتمع بدءًا من الأسرة ووصولًا إلى المراكز المتخصصة ودور الرعاية..إلخ. وذلك؛ بتقديم الخدمات اللازمة لهم وفقا لما يعانون من اضطرابات نفسية وسلوكية والانفصاميات الشخصية والزهايمر، والذهان، والضجر والملل، والشرود، … نتيجة التغيرات التي مرَّ بها المسن في مراحل نموه الفسيولوجية والبيولوجية والاجتماعية والنفسية.. ولهذه المرحلة مخاطر في عدم قدرته لمواجهة ضغوط الحياة؛ وليتم التوافق النفسي لذات المسن أصبح لزامًا تقديم المنهج الوقائي والعلاجي حسب الحالة وفق آليّة حديثة واستراتيجية متطورة ، ولا سيما نحن في عصر كثرت فيه الأزمات النفسية والعدوانية الذاتية..
ولا يتأتى ذلك إلا من خلال تحديد الخصائص والصفات الاجتماعية الخاصة بهم ودراسة أنماط الأمراض النفسية الشائعة بينهم.
وعليه يتطلب: تثقيف عام حول آلية التعامل مع المسنين بدءًا من الأسر ووصولاً إلى مراكز المسنين بمعنى..
1- توفير بيئة مناخية ملائمة لإشاعة البهجة والفرح في نفوسهم ضمانًا لهم بسلامة العيش.
2- أن تكون الدور الخاصة بالمسنين أشبه ما تكون بمنتجع سياحي من صالات رياضة ومواقع للترفيه وديوانية التجمع ومساحات خضراء للاسترخاء.
3- توفير أخصائيين نفسيين واجتماعين؛ ليعملوا على صيانتهم النفسية ووقايتهم من اليأس الحياتي.
4- ربطهم بالعالم الخارجي للدعم العاطفي والمعلوماتي عن طريق الرحلات الداخلية والخارجيّة.
5- تفهم طبيعة كل حالة بتوفير غرفة سكنية ملائمة لها مغايرة تمامًا عن بيئة سكن المستشفيات.
6- توفير مهن متعددة يستطيعون ممارستها استمتاعًا بالحياة وربطهم بماضيهم الذي رحل.
7- تقديم أساليب المساندة بالاعتراف بهم والتعاطف عليهم والابتسامة والبشاشة لهم عن طريق برامج الترفيه المتنوعة. هذا من جهة دور كبار السن.
ويبقى الحديث حول مستشفيات الحالات النفسية:
المجتمع في حاجة ماسَّة لوجود مراكز للرعاية النفسية لما يعانيه من ضغوط ماديَّة واجتماعية ونفسية بفعل التطور الحياتي وعصر التقدم المعلوماتي؛ مما عاق مواكبة العصر ومسايرة ركب الحضارة فأصبح يئن من ضغوطات متعددة وفقد بعض المهارات الشخصية ويواجهون رفضًا تاما للذات وشرود ذهني والوساوس القهرية …إلخ. فأولت حكومتُنا الرشيدة اهتمامها باحتواء هذه الفئة من النَّاس وتقديم الرعاية الخاصة لهم.
ونأمل من المسؤولين المشرفين بأنْ تكون هذه المراكز، والدور مصممة بطريقة تتلاءم مع حدة الحالة وخفتها. وعليه يبقى السؤال قائمًا. هل حقًّا هذه المراكز استطاعت تلبِّي احتياجات المريض(المسن) بكفاءة واقتدار؟ وهل لدينا دور نفسية توائم المتطلب من مناخ صحِّي ونفسي؟ وهل هناك طاقم صحِّي متكامل ومؤهل لتطبيب هذه الشريحة من المجتمع؟ أترك القارئ مع هذه التساؤلات.
وأختم: بوصفي مستشار نفسيٌّ وأسريٌّ أعملُ في مراكز الاستشارات؛ أقترحُ أنْ تكونَ هناك شراكة بين المستشفيات النَّفسية وبين مراكز الاستشارات النَّفسية والاجتماعية؛ لأنَّ هناك حالات كثيرة لا تتوجب علاج نفسي بقدر ماهي بحاجة إلى تقويم سلوك وتعديل مسار يبعث الأمن والطمأنينة.