أخبار عاجلة
الرئيسية > أخبار السعودية > على مثلك يا أبا سعدٍ فلتبكِ البواكي

على مثلك يا أبا سعدٍ فلتبكِ البواكي

بقلم الشيخ /مبارك بن خليفه العساف

الحمد لله الذي قدّر المقادير حكمةً وعلمًا، لا رادَّ لقضائه، ولا معقبَ لحكمه، ولا غالبَ لأمره.

فله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيءٍ عنده بأجلٍ مسمّى.

والحمد لله على كل حال، والحمد لله أولا وآخرا، ظاهرًا وباطنًا.

وإن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا على فراقك يا أبا سعدٍ لمحزونون.

وبعد:

فإني أكتب وأعلم أني مهما كتبتُ فلن أوفي المقامَ حقه، ولن أَقْدر لأبي سعدٍ قدره.

ولذلك سأكتب مُجْمِلًا لا مُفصِّلا، مُختصِرًا لا مُسهبًا.

سأكتب شيئًا من الإشراقات في حياة هذا الشهم الكريم، والأخ الكبير؛ وفاءً لصحبته، وتقديرًا لأخوته، وبيانًا لبعض فضله ومكانته.

ماهر بن سعد الجمل كما عرفتُه:

عرفتُ أبا سعدٍ – رحمه الله – نحوًا من عشرين سنة، فضلا عن صداقته وأخوته مع أخي عادل نحوًا من أربعين سنة.

فعرفتُه رجلًا على التوحيد والسنة،

معظمًا لهما، رافعًا رايتهما، متَّبعًا للعلماء الراسخين، ولهدي السلف الصالحين.

عرفتُه حاضرًا لدروس ودورات المشايخ العلمية، حريصًا عليها؛ بل كانت بعض الدروس العلمية المُطوّلة لا يحضرها إلا اثنان أو ثلاثة، ويكون هو من الحاضرين، ثاني اثنين، أو ثالث ثلاثة.

ودروس مسجدنا المختصرة يحضرها – تواضعا منه – لا يفوته منها إلا ما ندر.

عرفتُه حريصًا على السؤال عن المشكل عليه من المسائل، فقد كان يسألني كثيرًا عن المهمات، والمسائل المشكلات، وبعضها تحتاج إلى بحث، فينتظر البحث ويتحرى الإجابة.

عرفتُه في شهر رمضان في العشر معتكفًا، وللقرآن تاليا، وعلى ختمة التراويح حريصًا مواظبًا.

عرفتُه بارًا بوالديه، لا يُقدّم أحدًا عليهما، ولا يُؤثر أحدًا بوقته معهما.

عرفتُه شهمًا كريمًا، باذلًا للمال مُعطيًا، سخي اليدين، طويل الذراعين؛ يعرف الأضياف مجلاسه، ويغشى الأحبة مكانه.

عرفتُه متبرعًا متصدقًا داعمًا للجهات الخيرية، والجمعيات الدعوية، والحلقات القرآنية.

عرفتُه مسابقًا في المبادرات، لا تفوته مبادرة، فلم يتخلف مرةً واحدةً قط عن مبادرات مجموعة المجلس الخيرية والاجتماعية؛ بل كان فيها من الأولين، وللمساهمة فيها من السابقين.

عرفتُه صادق الود، حافظ السر، أبيض السريرة، حسن التعامل والسيرة.

عرفتُه متواضعًا، يمزح مع الصغير قبل الكبير، يُتَجرأ عليه محبةً له، لأنّه ليّنُ العريكة، سهلُ المعاملة، طيّب المعشر.

عرفتُه يحمل الأمور على أحسنها، ويظنُّها في خير مظانِّها.

عرفتُه حافظ العشرة، لم تُغيّره المواقف، ولم تُبدّله الحوادث.

عرفتُه رجل المهمات، وثابت الوقفات، بحالِه ومالِه.

عرفتُه ساعيًا للإصلاح، داعيًا للاجتماع، نابذا للفرقة والاختلاف.

فكم سعى للإصلاح بين المتخاصمين، والجمع بين المختلفين.

عرفتُه صاحب رأيٍ سديد، وذا توجيهٍ مفيد؛ يُخلص النصيحةَ لمن استنصحه، ويقبلها ممن نصحه.

عرفتُه ميسرًا على الموسرين، منظرًا واضعًا عن المعسرين.

عرفتُه ملجأً لهمومنا، مُطَمئِنًا لقلوبنا.

عرفتُه خيرَ صاحب، وخيرَ أخ، وخيرَ رفيق، وخيرَ صديق.

عرفتُه – وبها مسك الختام – مُصلِّيًا محافظًا، وبها خُتِمت أعماله.

ففي ليلة الخميس ٥ / ٦ / ١٤٤٤هـ

صلى معنا صلاة المغرب، دانيًا من الإمام في الصف الأول، ثم بعد أدائه لفرضِه، طائعا لربِه، ذهب إلى بيته وقُبضت روحه الطاهرة، نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدًا.

وكانت جنازته مشهودة، بحضورٍ غفير، صلاةً ودفنًا.

يدعو له الصغير والكبير؛

ويبكي على فقده القريب والبعيد.

وبفقده يفقد مجلسنا ركنًا من أركانه، بل تفقد المرجلة والشهامة، والأخوة والكرامة، ركنا من أركانها، ورجلا من رجالها، وجبلا من جبالها.

وعزاؤنا في فقده أنه:

مات على التوحيد والسنة؛

مات مصليا محافظا؛

مات لوالديه مرضيا.

عزاؤنا فيه:

ثناء المسلمين، ودعاء الصالحين، وابتهالات المحبين.

عزاؤنا فيه:

سمعتُه الطيبة، وذِكرُه الحسن، وعلمُه الغانم.

فالحمد لله على كل حال، وإلى جنة الخلد يا أبا سعد، فاللهم إلى روحٍ وريحان، ورب راضٍ غير غضبان.

وعلى مثلك يا أبا سعدٍ فلتبكِ على فقدك البواكي.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

على مثلك يا أبا سعدٍ فلتبكِ البواكي

عبدالله العيد

عن عبدالله العيد

شاهد أيضاً

ثلاثي من لاعبي القادسية ينضم لمعسكر المنتخب السعودي للناشئين تحت 17 في فرنسا...

Share this on WhatsApp صحيفة همة نيوز : محمد الذكر الله .. انضم ثلاثة لاعبين ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com