صحيفة همة نيوز بقلم: عبداللطيف الوحيمد
درَجت العديد من الجهات الحكومية على اشتراط مراجعتها بموعدٍ مسبقٍ عبر بوَّاباتها الإلكترونية والإشكالية ليست في تحديد هذا الموعد لو كان سهلاً وميسَّراً وسريعاً ! وإنما في إجراءات الدخول لتلك البوَّابات حيث تشترط كلمة مرورٍ معقدةٍ تتكوَّن من حروفٍ ورموزٍ وأرقامٍ ولابد من إدخال الحرف الكبير قبل الصغير دون إرشادٍ منها لذلك فعلى سبيل المثال بذلت عدة محاولاتٍ في إدخال كلمة مرورٍ للدخول إلى بوابة صندوق التنمية العقارية وفي كل محاولةٍ أفشل ولم أنجح إلا بمهاتفة مركز الإتصال الذي أفادني بضرورة إدخال الحرف اللاتيني الكبير قبل الصغير مع رمز الآت المستعمل للبريد الإلكتروني ، بالإضافة لعددٍ من الأرقام وليس ذلك فحسب بل يتطلَّب الأمر وجود بريدٍ إلكتروني لدى المستخدم ليكتبه في خانة صفحة البيانات الخاصة به ، ولا يتم قبول دخوله للبوابة الإلكترونية إلا به ، فإذا هذا حالي وأنا أفقه إلى حدٍ ما في التعاملات الإلكترونية فكيف بحال من لا يفقه فيها نهائياً؟ أما بوابة ناجز التابعة لوزارة العدل فحدِّث ولا حرج فالمشكلة فيها ليست في حجز الموعد وإنما في النظام الآلي الذي لا يعتمد حجز الموعد إلا بعد عدة محاولاتٍ بسبب الضغط الشديد عليه من قبل المستخدمين ، حيث تأتيك رسالة نصية تفيدك برفض الموعد أو عدم اتمام حجزه !! ولا تستطيع مراجعة أي مرفقٍ من المرافق العدلية مثل المحكمة العامة أو الجزائية أو محكمة الأحوال الشخصية أو محكمة التنفيذ أو كتابة العدل الأولى أو الثانية إلا بموعدٍ مسبق وإلاَّ يمنعك حارس الأمن من الدخول إليها ، وإذا لجأت للإتصال برقم خدمة المستفيدين وهو (١٩٥٠) ، تفاجأت بنحو ٥٠٠ مكالمةٍ سابقةٍ لمكالمتك وعليك الإنتظار نحو ساعةٍ حتى يحين موعد استقبال مكالمتك ، وإذا رد عليك موظف الخدمة وأنهيت المكالمة معه وتذكرت شيئاً لم تقله أو تستعلم عنه وأردت العودة للموظف يلزمك نفس وقت الإنتظار ! وهنا تقع في موقفٍ تشعر منه بالضيق والتوتر والحنق ! فتترك المهمة التي أنت بصددها وتتنازل عنها من أجل توفير الضغط النفسي عليك من جراء هذا الواقع المزعج فتخسر قضيتك وحقك نشداناً للسلامة النفسية، هذا عدا ما تتعرَّض له كل بوابةٍ الكترونيةٍ من بطءٍ وخللٍ وتعطل.
فلماذا لا يتم تسهيل الخدمة وتبسيطها وعدم العنت على الناس؟ ولماذا لا يتم استثناء بعض الحالات وقبول المراجعة الحضورية بنتظيمٍ مقبول؟ خاصةً وأن أزمة كورونا تلاشت ولله الحمد لحدٍ كبيرٍ جداً.
ولهذا السبب راجت سوق مكاتب الخدمات الإلكترونية التي تزدحم بالناس ازدحام الجهات الحكومية بالمراجعين من أجل إنجاز مهماتهم من تحديد مواعيد إلكترونية أو رفع دعاوى أو طلبات أو خدمات ، وغير ذلك من المهمات والمتطلبات الكثيرة التي يصعب عدُّها ، والمستفيد الأكبر من ذلك هم أصحاب تلك المكاتب الذين يطلبون مبالغ مرتفعةً عن كل عمليةٍ إلكترونية ، ضحيتها جيوب الفقراء التي تستنزفها تلك الخدمات والإجراءات ،
فلنا أن نتصوَّر فقير يعتمد بعد الله على بيع بضاعةٍ بسيطةٍ في سوقٍ شعبيٍ على مبسطٍ مؤقتٍ ، أو بائع القهوة والكرك في ميدانٍ عام أو بائع باقلَّة أو محاصيل زراعية بسيطة دخلها ضئيل للغاية ولا يصدق نفسه أن كسب ١٠٠ ريال في اليوم ، ويضطر لدفعها لمكتب الخدمات الإلكترونية من أجل تحديد مواعيد إلكترونية أو رفع دعاوى أو شكاوى وغير ذلك من المتطلبات بدلاً من صرفها على نفسه أو على أهله ألا يشعر بالقهر والحسرة والألم؟.
وبذلك أقول لماذا لا يتم تعيين موظفٍ في كل جهةٍ حكوميةٍ يستقبل الضعفاء والبسطاء ويقوم بإنهاء مهامهم وتسهيل أمورهم الإلكترونية؟ أو استثناؤهم منها وقبول طلباتهم الورقية مراعاةً لأحوالهم وتقديراً لحالاتهم سواءً المادية أو الإجتماعية أو المعرفية وغيرها؟ أليس ذلك من التكافل الإجتماعي الذي يحثنا عليه ديننا الإسلامي دين الرحمة والعطف والشفقة؟.
سفير السلام
عضو هيئة الصحفيين السعوديين وهيئة الاعلام المرئي والمسموع
شاعر وكاتب ومؤلف