أخبار عاجلة
الرئيسية > أخبار السعودية > الشاعر جاسم المحيبس – يكتب قصيدة رثاء في الأديب الراحل مبارك بوبشيت رحمه الله ..

الشاعر جاسم المحيبس – يكتب قصيدة رثاء في الأديب الراحل مبارك بوبشيت رحمه الله ..

صحيفة همة نيوز : عبدالله المطلق ..

عندما نتحدث عن شخصية أدبية كشخصيّة الأديب مبارك بوبشيت رحمه الله ، نتحدث عن قامة أدبية لها مقامها على مستوى المملكة العربية السعودية والوطن العربي .. فما بالك عندما تكون قريبا منه تتناقش معه وتتجاذب معه الحديث ، ويفتح لك قلبه ويبوح لك بكلمات الشكر والثناء عندما يرى أبناءه قد وضعوا لهم بصمة .. فهذا هو الأثر الذي تركه بورياض في كل من استقى بعلمه وكان قريبا منه .

قصيدة رثاء الاديب مبارك بوبشيت رحمه الله ..

في هذا اليوم السبت 28 ربيع الأول 1447 هـ انتقل إلى رحمة الله تعالى أستاذي ومعلمي الأستاذ الأديب والمربي الكريم مبارك بن إبراهيم بوبشيت رحمه الله وجعله في أعلى درجات الجنة مع الصديقين والشهداء …
– البكاءُ وفاء –
بَكَتِ السّماءُ وَضَجَّتِ الأرجاءُ
وَتَضارَبَتْ من حَوْلِيَ الأنباءُ
فالأرضُ واجِفَةٌ تَبُثُّ شُجُونَها
ألماً طغى؛ صُعِقَتْ بِه الأجواءُ
وَجِبالُها الشَّماءُ تَرْجُفُ خَشْيَةً
وَتِلالُها ومُروجُها الخضراءُ
وَبَدَت بها الأحزانُ تبلغُ أوجَها
وبكت على أغصانِها الورقاءُ
وَتَوَشَّحَتْ بالهَمِّ أنجُمُ حُقْبةٍ
سَطَعتْ ضياءً حينَ عَمَّ الظاءُ
قالوا وقالوا عنكَ : أنَّكَ راحِلٌ
لمَّا استَباحَتْ جسمَك الأدواءُ
لكنَّ روحَكَ لا تزالُ زَكِيَّةً
تزهو شفافِيَةٌ بها ونقاءُ
قالوا وما في القولِ إلا صَيحَةٌ
تَهْتزُّ من أصْدائها الصَّلْداءُ
فأتتْ بنعيِكَ ؛ والجوانِحُ فُزِّعَتْ
فتطايَرتْ وَكَأَنَّها أشلاءُ
وإذا النفوسُ بَدَتْ كأشْرِعَةٍ هَوَتْ؛
وَكَأنَّها لَعِبَتْ بها الأنواءُ
رَحَلَ الحَبيبُ، وما الحبيبُ براحِلٍ
إنَّ المَحبَّةَ في القلوبِ بَقاءُ
رحلَ الصديقُ وَصِدْقُهُ مُتَفَرِّدٌ
لا يعتريه تَمَلّقٌ ورِياءُ
قد جاءَ نعْيُكَ يستَبيحُ مَشاعِري
ولكم أَبَاحَتْ بَوْحَها الشعراءُ
وأبُثّ حزني وَالمواجِعُ جَمّةٌ
حَتّى عَرَتْني حَسْرَةٌ وَبُكاءُ
إنْ كنتُ بَكَّاءً لفقدِكَ؛ إنّني
أبكي الوَفاءَ وفي البُكاءِ وفاءُ
لِيَ مُهْجةٌ حَرّى تذوبُ مرارةً
حتى بَكَتْ من حَرِّها الرّمْضاءُ
عَجباً لقلبي كيفَ يغدو مُذْهَلاً!
عَجباً له تجتاحُه الأهواءُ!
وَسَأَلْتُهُ عَمّا يجولُ بخاطري
هَلْ يرحَلُ الأخيارُ والعُظماءُ ؟
هل يا تُرى تُخفي الليالي ضُرَّها
لتموتَ في أحداقها السَّرَّاءُ
فالشمسُ إن غَرَبتْ يظلُّ ضياؤها
والليلُ تَغْسلُ وجهَهُ الأضواءُ
والبدرُ يلبسُ فيهِ أبهى حُلّةٍ
وَتَزولُ في غَسقِ الدّجى الظلماءُ
فالعلمُ نورٌ يُسْتَمَدُّ من الهدى
وتَبُثُّه عبرَ النّهى العُلَماءُ
فَلكم جَلَسْنا في المساجِدِ نلْتَقي
وتُسَرُّ إنْ يَتَوافَدِ النُّدَمَاءُ
من مورِدٍ صافٍ نقيٍّ نستقي…
وَمِن المَواعِظِ للقلوبِ شِفاءُ
ولئنْ تَنَكَّرَ للحجا بِكَ جاهلٌ
في الفضلِ تعرفُ قَدْرَكَ الفُضَلاءُ
وتسوسُ كلَّ مشاكسٍ مُتَمَرِّدٍ
وَبحكمةٍ شَهِدتْ لها الحكماءُ
وبكلِّ نُبْلٍ تنْتَقي الألفاظَ كي
لا تَنْفُرَ البُسَطاءُ والنُّبَلاءُ
وَلئنْ دعوتَ جَحودَةً لفضيلةٍ
فإذا أبتْ فغبيةٌ حمقاءُ
حتماً فليسَ عليكَ أنْ تَشْفي الّذي
أعماقُهُ عَصَفَتْ بِها الخُيَلاءُ
علَّمْتَني أنَّ النُّفوسَ عَجيبةٌ
مَيَّالةٌ يَحْدو بِها الإغواءُ
فَلَكم مَضَينا رفقَةً عَبْرَ الأسى
نطوي الدروبَ يَمُضُّنا الإعياءُ
كم قلتَ لي : أنَّ الفراقَ مُحَتَّمٌ
لا تبتَئسْ … إنَّ الحياةَ فَناءُ
لا تأسَ في الدنيا على أَمْرٍ خلا
فاللهُ يحكُمُ في الورى ويَشاءُ
كلُّ الدُّنى مُسْتَصْغَرٌ إلّا التُّقى
والصّبْرُ والإيمانُ والإصغاءُ
للنورِ إذْ هُوَ يقتفي غسقَ الهوى
حتّى تُضاءَ مكامِنٌ سَوْداءُ
والفكرُ قدْ تنتابهُ شُبَهَاتُهُ
وَتَعُجُّ فيهِ عواصفٌ هوجاءُ
وَلكم أتتْ كالهوجِ تَعصفُ نِقْمَةً
فَلَقيتَها لا يعتريكَ خواءُ
ولقد تَركتَ لِمن أرادَ هِدايةً
فكْراً سَنا تَهْفُو لَهُ العُقَلاءُ
قد كنتَ رمزاً في الثباتِ وهادِياً
فَتَيَمَّنَتْ بثباتِكَ الأعداءُ
يا شعْلَةً تُهْدي العقولَ سناءَها
هَدْياً يَشُعُّ لِتُبْصِرَ العَمْهاءُ
قد كنتَ فينا عالِماً وَمُعَلِّماً
وَمُؤَدِّباً تَسْمُو بِكَ الأدَباءُ
قد كنتَ أكْثَرَ مِن أَبٍ علّمتني
فتَعَجَّبتْ من فِعْلِكَ الآباءُ
فَرَعَيْتَ موهِبتي بكلِّ درايَةٍ
إذْ عانَقَتْ أحلامِيَ الجَوْزاءُ
أمضيتُ أكثرَ من عقودٍ خَمسةٍ
وأنا تُظَلِّلُني رُبَىً غنَّاءُ
أنا لم أزلْ في رَوْضِ جودِكَ راتعٌ
في بهجةٍ تهفو لها السُّعداءُ
وَتَعلَّقتْ روحي بِروحِكَ وارْتَقَتْ
وكَأنَّها ماءٌ غَدَتْ وهواءُ
وَعلى حياضِكَ ثُلَّةٌ عطشى .. لها
تَرِدُ الحياضَ مَغارِفٌ وَدِلاءُ
وعلى شواطِئِكَ التي ترسو بها
شَتّى العلومِ تحوزُها الأمَناءُ
من كلِّ صوبٍ في البلادِ وحولَها
تَأتي حُشُودٌ هَمُّهُا الإرواءُ
ومجالِسٌ تَأْوي إليها نُخْبَةٌ
شُغِفَتْ بها… ومُرادُها الإثراءُ
قد كنتَ فينا قدوةً ومنارةً
تُسْدي بشائِرَها يَدٌ بيضاءُ
لم تَشكُ من مَلَلٍ ولا رَهَقٍ ولا
من زُمْرَةٍ عبَثَت بها الرَّعْناءُ
لم نَخْشَ من أَحَدٍ يُكِنُّ سَفاهَةً
كلّا ولا مَنْ سَاسَهُ السُّفَهاءُ
فَلَنا أبٌ بَرٌّ رحيمٌ مُشْفِقٌ
وتَفيضُ منهُ سماحةٌ وعطاءُ
أعطى الحياةَ مآثراً وَمَشاعِراً
أمثالُهُ أَلْوَتْ بِها العنقاءُ
رَكِبَ المَصَاعِبَ فَلْتَوَتْ فأذلَّها
إذْ تَوَّجَتْ إنجازَه العَلْياءُ
تلك الخِصالُ كريمةٌ عُلْوِيَّةٌ
وَينوءُ همّازٌ بها مَشَّاءُ
حتى تَرَجَّلَ عن سما صَهَواتِه
وَغَدا مُسَجّىً حولَهُ الرُّفَقاءُ
والدمعُ تَذْرُفُهُ العُيونُ تَأَسُّفاً
وفراقُهُ ألمٌ ألَمَّ وداءُ
ورأيتُ وَجْهاً شَعْشَعَتْ أنوارُه
والثغرُ بَسَّامٌ وفيهِ نداءُ
لا تحزنوا إني بخيرٍ دائمٍ
وَبَدَتْ مَعالِمُ بهجةٍ وَسَناءُ
لاحتْ بَشائِرُها بطيبِ أَريجِها
وَبَدتْ على قَسَماتِهِ النَّعْماءُ
الدمعُ يَمْلأُ أعيُني، وأقولها:
قدْ طِبْتَ بلْ طابَتْ بِكَ الأحياءُ
وطبعتُها فوقَ الجبينِ تَحيَّةً
وكرامةً وصميمُها الإطراءُ
ولقد بقيتُ بِقُرْبِهِ أدعو له
مُتَرَجِّياً ما يَرْتَجي الشُّفَعاءُ
صلّوا عليكَ وفي الصلاةِ تضرّعٌ
وتَخَشُّعٌ وتوَسُّلٌ وَدُعاءُ
فعسى الرّحيمُ عليكَ يُسْبِغُ رَحْمَةً
تَسمو بِها من فَيْضِها الرُّحماءُ
رَفَعوكَ وانْطَلَقوا تُسابِقُ خطوَهم
حتى اشرأَبَّت نحوَكَ الأشياءُ
سارَتْ حُشُودٌ تَقْتَفيكَ مَحبَّةً
تُسْتَلُّ من أعماقها الغَلْواءُ
فالكلُّ حولك نافِرٌ مسْتنْفَرٌ
وَيَقودُ ركبَكَ بَيْرَقٌ وَلِواءُ
البدرُ مُضْطَجِعٌ يَبُثُّ ضياءَهُ
أتُرى سَيُدْفَنُ في الترابِ ضِياءُ
كلّا سَتبْقى في الحياةِ تَمُدُّها
وتُعيدُ ذكْرَكَ بَهْجةٌ ورُواءُ
وَعلى جَبينِ الدّهرِ تبقى فرقداً
مُتَلأْلِئً تزهو بِكَ اللأْلاءُ
لَكَ في المَحافِلِ صَولَةٌ بَرَّاقَةٌ
عبرَ الأثيرِ تَبُثّها الأصداءُ
في معهَدٍ خُصَّتْ بِهِ أبناؤه
نَشَأَتْ على مِنْهاجِكَ الأمَراءُ
من كان منهم تحتَ عينك يَعْتَلي
رَكْبَ العُلا … وَلَهُ الجَمالُ رِداءُ
سيظَلُّ ذكرُكَ دائماً مُتَألّقاً
ويُزينُه في العالمينَ ثَناءُ
نَمَّتْ بذكْركَ نَسْمَةٌ سِحْرِيَّة
فإذا الأصمُّ يَنُمُّ والصَّمَّاء
والبكمُ عنكَ تَحَدَّثَتْ بِطَلاقَةٍ
لُغَةً تَهَيَّبَ سَمْتَها البلغاءُ
حانَ الفِراقُ فَنَمْ قَرِيراً بَعدَما
عشتَ الحياةَ كأنَّها هيجاءُ
قد كنتَ رمزاً للجهادِ تَقودُنا
نَمْحو أسى مَنْ هَمُّهُ الضَّرَّاءُ
أرجو من الرّحمنِ أنْ يُعْطِيكَها
أعلى الجنانِ وَصُنْوُكَ الشُّهَداءُ

جاسم بن محمد المحيبس
13 ربيع الثاني 1447 هـ
5 أكتوبر 2025 م

عبدالله بورسيس

عن عبدالله بورسيس

شاهد أيضاً

الصادق بشير من الجالية السودانية الشقيقه في مدينةالعيون بمحافظة الأحساء يحتفل بعقد قرانة على كريمة الأستاذ عبدالعزيزعمرتاة الله من السودان ..

Share this on WhatsApp صحيفة همة نيوزعبدالله ناصرالعيد احتفل الأستاذ الصادق بشير من الجالية السودانية ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com