أخبار عاجلة
الرئيسية > أخبار السعودية > سياله .. ونبض الذاكرة ج ٥ ..

سياله .. ونبض الذاكرة ج ٥ ..

.. سياله داري ..

صحيفة همة نيوز : بقلم أ . عبدالله حمد المطلق ..

تظل براحة سيّالة رمزًا خالدًا لأهالي مدينة الطرف، ملتقى تتقاطع فيه الخطى وتتعانق فيه القلوب في مختلف المناسبات ، فهي قلب نابض بالتراث، وساحة تجمع بين الماضي المجيد والحاضر الحيّ .

تمتاز المباني المحيطة ببراحة سيّالة بارتفاعها وهيبتها، وتتزين بجمال الزخارف الجصية الأحسائية التي تعكس أصالة العمارة المحلية ودفء المكان ، وعلى جنباتها، تتمدد المحابس الملاصقة لمنازل البيوت ، وهي مخصصة للجلوس و تُفرش بالسجاد في الأعياد ومناسبات الزواج، لتكون مقاعد مفتوحة للضيافة والاحتفاء.

وفي أجواء الفرح، ترى كبار السن وهم يؤدون العرضة السعودية في مشهد أخّاذ، تلوح فيه أياديهم بالسيوف أو البنادق، في رمزيةٍ للشجاعة والفخر والانتماء، وكأن الزمن يقف احترامًا لتلك اللحظات.

تمتلك سيّالة أربعة مداخل رئيسية من الجهات الأربع، يدخل منها الأهالي والزائرون كـ”سيلٍ جارف”، يجتمعون في وسط البراحة حيث تتلاقى الأرواح قبل الأجساد ، وفي قلبها، تظل سيّادة براحة سيّالة عنوانًا للضيافة والكرم والجود، تستقبل كل من وطئت قدماه مدينة الطرف، بحفاوة تُروى وتُتوارث.

ولعل أبلغ ما يقال في ذلك، حين يُسأل أحدهم:
“من أين أنت؟”
فيجيب بكل فخر: “أنا من أهل سيّالة”،
فيُرد عليه فورًا: “ونِعِم!”

فهكذا تحولت براحة سيّالة إلى أيقونة يرددها كل لسان، وتحمل في تفاصيلها حكاية مدينة، وعراقة أهل، وذاكرة لا تموت.

  • العرضة السعودية في مدينة الطرف.. موروثٌ حيٌّ ونبضُ فرح:

اشتهرت مدينة الطرف، الواقعة شرق الأحساء، بثرائها التراثي وتنوع مظاهر الفلكلور الشعبي فيها، وكان للعرضة السعودية – وتحديدًا العرضة السعودية وعرضة الهيدة التي تتميز بها مدينة الطرف – حضورٌ مميز فيها منذ عقود ، فقد شكّلت الفرق الشعبية في الطرف علامة فارقة في المناسبات، وحافظت على هذا الفن كهوية ثقافية نابضة وممتدة عبر الأجيال.

ومن أبرز معالم هذا الموروث، كانت براحة سيّاله الواقعة وسط المدينة، حيث تُعدّ الساحة الكبرى التي تجتمع فيها الفرق الشعبية في أجواء احتفالية، خاصة في عيدي الفطر والأضحى. وتتميز البراحة بأربعة مداخل في زواياها الأربع، تدخل منها الفرق الواحدة تلو الأخرى، يتقدمهم البيرق (العلم) الذي يُغرس في منتصف البراحة، إيذانًا ببدء العرضة.
وعند اجتماع الفرق، تنبعث أصوات الطبول والدفوف ، وتهتز الأرض على وقع الخطوات المتناسقة، في مشهد مهيب تتناغم فيه القصائد الحماسية مع الحركات الرجولية المُتقنة، ويشارك فيه الجميع – صغارًا وكبارًا – تعبيرًا عن الفرح، والانتماء، والفخر.

أما في مناسبات الزواج، فتُقام العرضة أيضًا، ولكن بفرقة واحدة يتم اختيارها من قِبل أهل المعرس، لتؤدي فنها أمام المجلس، وتُضفي على المناسبة بهجة تُميز أعراس الطرف عن غيرها.
لقد كانت ولا تزال العرضة في الطرف أكثر من مجرد أداء فني؛ إنها تراث وهوية وروح جماعية، توارثها الأهالي أبًا عن جد، فصارت جزءًا لا يتجزأ من ذاكرة المدينة ومناسباتها السعيدة ، وكان لبراحة سياله ملتقى للفرق الشعبية بالطرف .

كان للشعر حضوربارز في وصف الأمكنة ، واستحضار ملامحها في الذاكرة الشعبية ، ولم تكن ( سياله ) استثناء من هذا الحضور ، فقد نظم الشاعر محمد إبراهيم المخيمر أبياتا يذكر فيها سياله ، مجسدا من خلالها جمال المكان وروح اهله لتبقى قصيدته شاهدا على ارتباط الكلمة بالشواهد المكانية في مدينة الطرف فقال :

هاتــو لنـــــا لمهيــلــــــه* الكيف رمـــــاي
وطيبنا مــــن يجهلـــــــه شبـو لــه سراي
سـيـاله داري والسهلــــه دمي ومنشــــاي
بالعــــز هــي متكحلــــه ياطيب ملفـــــاي
والخيل جـــــات مقبلـــه فارس ورمــاي
حنا هلـــــن للمرجلـــــه والحكمه والراي
في كـــــل فن طايلــــــه ورجــال شرواي
قصر المجصه حن هلـه يوم الملك جاي
..
*المقصود بالمهيله
القهوة ..

عبدالله بورسيس

عن عبدالله بورسيس

شاهد أيضاً

سمو محافظ الأحساء يرعى توقيع مذكرة تعاون بين هيئة تطوير الأحساء وبرنامج سخاء

Share this on WhatsApp فريق تحرير صحيفة همة نيوز رعى صاحب السمو الملكي الأمير سعود ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com