
صحيفة همة نيوز : بقلم أ. عبدالله حمد المطلق ..
براحة سيّالة : قلب الطرف النابض ..
في قلب بلدة الطرف، حيث تتنفس الأرض عبق التاريخ وتفيض الروح بأصوات الطبول والدفوف، تمتد “براحة سيّالة” فسيحةً كحضن أمّ يضمّ أبناءها في لحظات الفرح واللقاء ، هي ليست مجرد ساحة ترابية، بل ذاكرة حيّة، ومسرحًا مفتوحًا لأجمل فصول الموروث الشعبي.
في صباحات العيدَين، عيد الفطر وعيد الأضحى، تتحول “براحة سيّالة” إلى مهرجان مفتوح، يفد إليها الناس من مداخلها الأربعة، وتدخل الفرق الشعبية بثيابها المزركشة ونشيدها الحماسي، تتقدمهم “العرضة السعودية”، التي تُعلن المجد وتنبض بالفخر ، يركز الرجال “البيرق” في وسط البراحة، ويعلو الهتاف، وتدق الطبول، ويهتز المكان على إيقاع دفوفٍ لا تهدأ.
تتمايل الصفوف، وتتماسك الأكتاف، والرجال يتلاعبون بالسيوف في تناغم أخّاذ، كأن الزمن توقف احترامًا لهذا المشهد ، وفي الأثناء، ترى الأطفال على أطراف الساحة أو في خارج الصفوف، يقلدون آباءهم، يحملون أعوادًا كأنها سيوف، يخطون خطواتهم الأولى في طريق الانتماء.
وفي أحد أركان “براحة سيّالة” يقف شامخًا “جامع الطرف القديم”، الجامع الوحيد آنذاك الذي تُقام فيه صلاة الجمعة، يحتضن المصلين، ويشهد على خشوعهم. بجانبه مقر سكن الأمير، الذي كان بابه مفتوحًا لأهل البلدة، تنبع منه الحكمة وتُدار فيه شؤون الناس.
أما على الجوانب، فتصطف “المحابس” — وهي المصاطب المبنية من الطين أو الحجر — تُفرش بالسجاد لتكون مجلسًا لمن يبحث عن ظلّ وسكينة، بعيدًا عن لهيب الشمس. يجلس عليها الرجال يتبادلون الحديث، يحتسون القهوة، ويراقبون الحياة تدبّ في البراحة أمامهم، جيلاً بعد جيل.
براحة سيّالة ليست مجرد فضاء مكاني، إنها روح بلدة الطرف، ذاكرة الأعياد، ومقر اللقاء، ومرآة الماضي الذي لا يزال حيًّا في القلوب ..وهذا وصف مشاعر لشاعر تامل كل زاوية فيها فكتب الشاعر إبراهيم بن سعد المرسل فيها :
سياله وين أهـــــــــــــــــــــلك الاوليــــــــن ؟
يوم الطبل والطار فيــــــــك رنــــــــــــــان
امر على حبـــــوس مبنية من الطـــــــين
واليوم تهدمت من طول الزمـــــــــــــــان
لا شفت شيبان عليك مجتمــــــــــــــــعين
لا صار عرس ولا عيد والبارود نيشــان
يحن قلبي عليك لاشفتك تبـــــــــــــــــكين
تبكين على الماضي ماكنه كــــــــــــــــان
شباب الحاضر والمستقبل الطــــــــــيبين
ردوا ماضيها تكفون يااخــــــــــــــــــوان
أنتم أهلها بالمراجل والشهامة مذكورين
واركزوا البيرق وخلوه عالي البــــــنيان
…
