
صحيفة همة نيوز : بقلم: [سيف بن فهد]اخصائي امن سيبراني
قبل أسابيع، أعلنت جامعة الملك سعود عن بدء استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في العيادات الطبية الجامعية، وذلك لتحليل صور الأشعة الطبية ومساعدة الأطباء في التشخيص الأولي بدقة وسرعة.
تجربة واقعية تعكس حجم التحول الذي نشهده في تعاملنا مع التكنولوجيا.
وبحسب أحد الطلاب المستفيدين، فإن نتائج الفحوصات التي كانت تتطلب انتظارًا لعدة أيام باتت تُسلّم في وقت قياسي، مما ساعد على تسريع العلاج واتخاذ القرارات الطبية بشكل أدق.
وهنا، لا نتحدث عن خيال علمي، بل عن واقع جديد يتسلّل إلى تفاصيل حياتنا دون أن ننتبه !
الذكاء الاصطناعي حاضر في كل شيء
لم يعد الذكاء الاصطناعي حكرًا على المختبرات أو الشركات العالمية الكبرى، بل أصبح حاضرًا في كل مكان.
من التطبيقات التي نستخدمها في هواتفنا، إلى أنظمة التعليم الذكية في المدارس، وحتى الرد الآلي في مراكز خدمة العملاء.
في المجال المصرفي، تستخدم بعض البنوك في السعودية أنظمة تحليل ذكية ترد على استفسارات العملاء وتتعرف على مشاكلهم بسرعة تفوق أداء الموظفين في بعض الأحيان.
أما في التعليم، فقد بدأت مدارس أهلية في إدخال أدوات تعليم ذكية تراعي مستوى الطالب وتقدّم له محتوى مخصصًا يناسب قدراته.
مكاسب كبيرة… ولكن بثمن؟
رغم الفوائد الكبيرة، لا يمكن تجاهل الجانب المقلق في انتشار هذه التقنية. العديد من الوظائف التقليدية أصبحت مهددة، وشركات كثيرة بدأت بتقليص كوادرها البشرية لصالح أنظمة تعمل على مدار الساعة دون تعب أو تكلفة تشغيلية عالية.
ولا يتوقف الأمر عند التوظيف، بل يمتد إلى قضية الخصوصية.
فكل ما نكتبه أو نشاركه على الإنترنت، وكل ما نقوله لمساعد رقمي أو تطبيق، قد يُخزّن ويُحلّل بواسطة أنظمة لا نعلم كيف تعمل أو أين تذهب بياناتنا.
التحدي الحقيقي ليس في التقنية !
بل في التعامل معها
المطلوب اليوم ليس الخوف من الذكاء الاصطناعي، بل التهيؤ له. وسوق العمل سيتغير، والمهارات المطلوبة ستتغير معه.
والوظائف التي تعتمد على الحفظ أو التكرار ستكون الأقرب للزوال، بينما سيبرز الطلب على من يمتلك مهارات التفكير النقدي، الإبداع، والقدرة على التعامل الإنساني.
الأسرة، المدرسة، والجامعة، جميعها مطالبة بإعادة النظر في طرق التعليم والتأهيل، لتهيئة جيل قادر على التكيّف مع عصر تتحرك فيه الآلات بخطى أسرع من البشر.
خاتمة:
الذكاء الاصطناعي لم يعد سؤالًا عن المستقبل، بل هو حاضر نعيشه. وبدلًا من أن نُفاجأ به، علينا أن نستوعبه، ونتعلّم كيف نستخدمه لصالحنا.
بين الأمل والمخاوف، يبقى الخيار بأيدينا:
هل نجعل الذكاء الاصطناعي أداة تعزز حياتنا، أم نسمح له بأن يتحكم بمستقبلنا؟