أخبار عاجلة
الرئيسية > أخبار السعودية > “الميزانية المالية الأسرية ..إدارة للأولويات قبل أن تكون تخفيضًا في المصروفات”

“الميزانية المالية الأسرية ..إدارة للأولويات قبل أن تكون تخفيضًا في المصروفات”

صحيفة همة نيوز *..

عزيزي القارئ الكريم
في زحمة الحياة وتسارع متطلباتها، كثير من الأسر تجد نفسها غارقة في دوامة من الإنفاق، متأرجحة بين الرغبات والحاجات، تبحث عن طوق نجاة من ضغوط الديون وتحديات الغلاء، فتظن أن الحل يكمن في “التقشف” و”الحرمان”، دون أن تدرك أن المشكلة ليست في كثرة المصروفات فحسب، بل في غياب الأولويات !!

حين تتكلم الأرقام وتغيب الرؤية..
الميزانية الأسرية – عزيزي القارئ الكريم – ليست ورقة حسابية تحد من الطموح، بل هي فن من فنون الحياة، وأسلوب راقٍ لإدارة الموارد وتحقيق التوازن إنها إدارة ذكية لأولويات العائلة، تسبق القرار المالي، وتؤسس لثقافة واعية في التعامل مع المال.

أولًا: ماذا تعني الميزانية المالية الأسرية؟

الميزانية الأسرية هي خطة مالية شهرية أو سنوية تنظم دخل الأسرة وتحدد كيفية إنفاقه.

وتشمل كافة مصادر الدخل، مثل الرواتب، العوائد، والدعم الحكومي، مقابل المصروفات مثل الإيجار، التعليم، الغذاء، الفواتير، والادخار.

لكن الميزانية الناجحة لا تقف عند حصر الأرقام، بل تُبنى على قرارات مدروسة تعكس أولويات الأسرة وتتماشى مع أهدافها، سواء كانت قصيرة الأجل كالسفر، أو بعيدة المدى كشراء منزل أو التقاعد المبكر.

ثانيًا: لماذا تتعثر بعض الأسر ماليًا رغم وفرة الدخل؟

ليس قلة المال دائمًا هي السبب. هناك أسر ذات دخل مرتفع لكنها تعاني من ضيق مالي مستمر، وأسر بدخل محدود لكنها تعيش في استقرار واطمئنان. السر يكمن في:

  • غياب التخطيط:
    كثير من الأسر تنفق بطريقة عشوائية دون خطة مالية واضحة.
  • الإنفاق العاطفي: شراء غير ضروري بدافع المزاج أو تقليد الآخرين.
  • عدم التفريق بين الرغبات والاحتياجات.
  • الاعتماد على الدين والقروض الاستهلاكية لتغطية الأساسيات.
  • ضعف الثقافة المالية لدى الوالدين، مما ينعكس على الجيل القادم.

ثالثًا: إدارة الأولويات.. قلب الميزانية الذكية
قبل الحديث عن “خفض المصروفات”، لا بد من طرح السؤال الأهم: ما أولويات أسرتنا؟

هل التعليم أهم من الترفيه؟

هل الاستقرار السكني مقدَّم على السفر؟

هل الادخار جزء أساسي من نمط حياتنا؟

إدارة الأولويات تعني:

  • تصنيف المصروفات حسب أهميتها: ضرورية، مهمة، كمالية.
  • إعادة ترتيب جدول الإنفاق بناءً على أهداف الأسرة.
  • التفاوض الداخلي بين أفراد الأسرة على ما يمكن تأجيله أو الاستغناء عنه.
  • تقوية الوعي الجمعي داخل الأسرة بأن المال وسيلة لتحقيق القيم، وليس غاية في ذاته.

رابعًا: خطوات عملية لبناء ميزانية أسرية ناجحة:

  1. اجمع مصادر الدخل بدقة: احسب صافي الدخل الشهري بعد الاستقطاعات.
  2. سجّل جميع المصروفات الحالية: شهر من التتبع الدقيق يوضح لك نمط الإنفاق الحقيقي.
  3. قسّم المصروفات إلى فئات:
    أساسية: الإيجار، الغذاء، التعليم، الفواتير.
    ثانوية: الترفيه، المطاعم، الملابس.
    غير ضرورية: الاشتراكات المكررة، التسوق العاطفي.
  4. حدد أهدافًا مالية قصيرة وطويلة المدى.
  5. ابدأ بخطة للادخار حتى لو كانت بسيطة: 10% من الدخل بداية جيدة، بمثابة صندوق للطوارئ أو حتى للإستثمار طويل الأجل.
  6. راقب الميزانية شهريًا وحدثها حسب المستجدات.
  7. اشرك أفراد الأسرة في وضع الميزانية: ليشعر الجميع بالمسؤولية.
  8. تجنب القروض إلا في الضرورات القصوى، وذات العائد النوعي على الأسرة.
  9. استثمر في التعليم المالي: اقرأ، شاهد، وشارك في دورات تدريبية.

خامسًا: ثقافة المال داخل الأسرة
بناء ميزانية ناجحة يتطلب غرس قيم مالية داخل البيت:
الشفافية: التحدث بصراحة عن الوضع المالي.
المسؤولية: تعليم الأبناء منذ الصغر الفرق بين الحاجة والرغبة.
الادخار المشترك: وضع هدف ادخاري تشاركي كرحلة أو مشروع.
المكافآت: تشجيع السلوك المالي الإيجابي بمكافآت رمزية.

سادسًا: التكنولوجيا في خدمة الميزانية
تطبيقات الهاتف الذكي أصبحت أداة رائعة لمتابعة الميزانية:
Mint، Spendee، YNAB (You Need A Budget)، وغيرها.
توفر تقارير شهرية ورسوم بيانية ومؤشرات للادخار.
تنبهك بتجاوز الحدود المحددة للإنفاق.

سابعًا: التحديات الشائعة وكيفية التغلب عليها
التحدي: دخل متذبذب، الحل: ميزانية مرنة مع تنويع في الإيرادات
التحدي: ضغوط مجتمعية، الحل: التركيز على أهداف الأسرة
أولا
التحدي: الأطفال والطلبات، الحل: تعليم مبدأ الاختيار بناء على المهم
التحدي: التضخم، الحل: تحديث قائمة مرنة بالأولويات مع خطط استثمار

ثامنًا: ميزانية الأسرة والقيم التربوية
الميزانية ليست فقط أداة اقتصادية، بل أيضًا وسيلة تربوية. فهي:
تعزز الانضباط الذاتي.
تنمي الشعور بالمسؤولية الجماعية.
تُربي على القناعة والتخطيط.
تمنح الأسرة شعورًا بالإنجاز عند تحقيق الأهداف.

في الختام يا عزيزي القارئ الكريم… الميزانية بوصلة العائلة نحو التوازن الآمن. كما أنها ليست أداة لتقييد الحرية، بل وسيلة لتحرير الأسرة من الضغوط والقلق. هي قرار نابع من الوعي، ومنهج حياة يترجم قيم العائلة إلى أرقام وخطط قابلة للتنفيذ.

عندما ندير المال وفق أولوياتنا، نكون قد بدأنا رحلة الاستقرار المالي الحقيقي، الذي لا يقاس بكم نملك، بل بمدى قدرتنا على تحقيق ما نريد، بأقل تكلفة، وبأقصى طمأنينة. وقد ورد عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى قولة رائعة تلخص هذا المبدأ القويم ” الغنى غناك عن الشيء لا به”.

هذه إرشادات عملية لميزانية أسرية مثالية:

  1. ابدأ اليوم ولا تؤجل: كل يوم تأخير يعني خسارة محتملة.
  2. صمّم ميزانيتك على مقاسك، لا على مقاس غيرك.
  3. اجعل الميزانية مرنة، لا صارمة: فالحياة مليئة بالمفاجآت.
  4. وازن بين الحاضر والمستقبل: لا تصرف كل دخلك اليوم، ولا تحرم نفسك كليًا لأجل الغد.
  5. استشر من تثق بخبرته المالية.
  6. تذكر: المال وسيلة، والهدف هو راحة البال وجودة الحياة.

أمنياتي لك بالتوفيق والنجاح.

*بقلم أ. فؤاد بن عبدالله الحمد – مستشار تربوي..

عبدالله بورسيس

عن عبدالله بورسيس

شاهد أيضاً

علي بن محمد بن عثمان البريك ( بومنذر ) في ذمة الله…

Share this on WhatsApp صحيفة همة نيوز عبدالله ناصر العيد بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدرهانتقل ...

تعليق واحد

  1. يوسف بن سعد الجوهر

    ماشاء الله جدا جميل خطوات سهله ومفهومه ان شاء الله تأتي ثمارها بعد التطبيق ان شاء الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com