الرئيسية > أخبار السعودية > مروا بالأحســــــاء ..

مروا بالأحســــــاء ..

  • الشاعر محمد عالي حمراء دمر المعروف ب علي دمر ..

( 1346 – 1405 هـ) ( 1927 – 1985 م) ..

صحيفة همة نيوز : أ. عبدالله حمد المطلق ..

مر بالأحساء الكثير من الأدباء والشعراء من مختلف الدول العربية ، ساهموا في التعليم وفي مختلف المجالات ، منهم من عاشر المجتمع الأحسائي فمن الطبيعي أن يكون واحد منهم ، يشاركهم في مختلف مناسباتهم الإجتماعية في الفرح والحزن .. فبرز منهم الأدباء والشعراء وشاركوا في المجالس الأدبية المنتشرة في الأحساء ،

ومنهم من كون صداقات مع بعض أدباء وشعراء أهل الأحساء ..

وهنا نتحدث عن شخصية أدبية ترك له بصمة وأثرا طيبا من الدواوين الشعرية ، و الشاعر علي دمر رحمه الله الذي زاملته في العمل ، وكانت لنا جلسات مع الأديب مبارك بوبشيت في مدينة الطرف .. وما زال أحد أبنائه في تواصل معنا إسمه مؤنس .. فمن هو الشاعر علي دمر ؟؟

  • تعريف بالشاعر :

ولد محمد عالي الحمراء دمر في سوق الحاضر بحماة ،و رجّح تاريخ مولده في أحد الأعوام الواقعة ما بين عام 1925 وعام 1928وهذا هو الاسم الحقيقي لشاعرنا عليّ دمر ،

ونشأ في فقر زاد من حدّته اليتم المبكر، حيث مات أبوه أولاً ، ثم لحقت به أمّه وتركته وإخوته يتجرعون مرارة اليتم والفقر والحرمان .

  • بيئته :

نشأ (علي دمر ) في رياض العاصي، وتفتحت عيناه على مجاليها البديعة، واكتحلت بمرود جمالها، وسكبت نواعيرها في مسمعيه ألحانها الخالدة، ولقّنته عنادلها أحلى المناغاة وعلمته الإنطلاق في أجواء الحرية والنور والجمال. غير أن الأقدار لم تتلطف بهذه الموهبة الغضّة ، وتلك النفس الشاعرية المرهفة فإذا بها تذيقها منذ الصغر مرارة اليتم وشقاء الحرمان وبؤس الفاقة، مما جعل تلك الموهبة موزعة بين مايأسرها من مفاتن الطبيعة ومواطن الجمال، ومايطحنها من حياة البؤس وشظف العيش ، وهكذا فإنه ليس من المستغرب أن يستغرق حب الجمال والإفتتان به ، والشكوى من الحرمان معظم تجارب الشاعر علي دمر.

لم يعمل رحمه الله في غير مجال التدريس، فقد قضى حياته العملية معلماً يربي الأجيال ويغرس في نفوس أبنائها حُبَّ اللغة العربية، ومآثر أمته ومثلها وآدابها، وما آمن به من مبادئ سامية ومثل عالية ، وكانت بداياته مع مهنة المتاعب هذه بعد أن أنهى السنة الثالثة في الكلية الشرعية الثانوية في دمشق، حيث غادر تلك المدرسة بعد أن اكتشف أن شهادتها غير معادلة لشهادة الثانوية العامة، وافتتح مدرسة خاصة في قرية “أورم الجوز” من أعمال أريحا، وظل يعمل فيها ثلاثة أعوام كاملة ، إلتحق بعدها بكلية اللغة العربية عملاً بنصيحة صديقه الأستاذ سليم بركات.

وبعد تخرجه في كلية اللغة العربية عام 1955م تعاقد للعمل في المملكة العربية السعودية، ومكث فيها خمسة عشر عاماً دراسياً متصلاً بدا له بعدها أن يعود إلى سوريا ليستقر فيها بقية حياته .. ولكي يضع هذه الفكرة موضع التنفيذ حصل على الثانوية العامة السورية وعيّن معلماً في ثانوية السُّقيلبة قرب حماة ، ومكث في سوريا أربعة أعوام دراسية متتابعة ، إضطر بعدها إلى العودة من جديد إلى المملكة العربية السعودية ، لأن دخله من عمله في بلاده لم يعد كافياً للوفاء بمتطلبات نفقات أسرته ، التي كان عدد أفرادها ينمو باضطراد، وقد أمضى بعد عودته إلى السعودية أحد عشر عاماً دراسياً متواصلاً إنتهت بانتقاله إلى الرفيق الأعلى.

وهكذا يتبين لنا أنه قد سلخ من حياته -يرحمه الله- ثلاثاً وثلاثين سنة وهو يعمل في مجال التدريس، جزاه الله عن لغة الضاد وأبنائها أفضل الجزاء.

  • وفاته:
    كانت وفاته رحمه الله- في مساء يوم الأثنين الثالث عشر من جمادى الآخرة سنة 1405هـ الموافق للرابع من آذار سنة 1985 م ، ودفن في المقبرة الجنوبية في مدينة الطرف في محافظة الأحساء بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية .. حيث إستقر وعاش آخر حياته في مدينة الطرف ، فقام بالتدريس في مدارسها في المرحلة المتوسطة .
  • آثاره:

أصدر خلال حياته ثمانية دواوين هي على التوالي:

1-رعشات ، وقد صدر عام 1946م .
2-عواصف على هضاب فلسطين عام 1948م .
3-حنين الليالي عام 1954م .
4-المجهولة عام 1959م .
5-غيبوبة الحب عام 1968م .
6-إشراق الغروب عام 1978م .
7-رسائل محرجة إلى نزار قباني عام 1981م .
8-شعب الله المختار -وقد أغفل الشاعر ذكر تاريخ صدوره.

  • الشاعر علي دمر عاش في مدينة الطرف بالأحساء :

الشاعر علي دمر رحمه الله ، قدم إلى الأحساء، واستقر بادئ ذي بدء في مدينة الهفوف ، ولما تم نقله من مدارس الهفوف إلى مدارس المدن الشرقية بالأحساء ، عين في مدرسة الجفر المتوسطة ، ثم نقل إلى مدرسة الطرف المتوسطة ، وكان يدرس اللغة العربية بحكم تخصصه .

عندما تعرفت عليه في المدرسة ، بحكم أني معلم وهو معلم ، كان في إستراحة الحصص ، يحرص على أن يسمعنا من بعض قصائده ، وكلما أقمنا مناسبة في المدرسة ، يحرص أن تكون له فقرة من فقرات الحفل فينشدنا من أشعاره بصوته الجهوري ، فيطرب الجميع بحسن إلقائه ، بعدها توطدت العلاقة بينه وبين الكثير من أدباء الأحساء ، بحكم تواصله معهم ، ومن بين الأدباء الذين تسامر وجلس معهم ، الأديب أحمد بن إبراهيم الديولي ، الكاتب والشاعر ، والشاعر يوسف عبداللطيف بوسعد رحمه الله ، وهما من سكنة مدينة الهفوف ، ومن خلال جلساته معه إستطاع أن يجمع منه الكثير من سيرة حياته وأشعاره ، وكثرة تردده على الأستاذ أحمد بن إبراهيم الديولي في منزله ، جمع الكثير من أشعاره وعن حياته ، وينوي إصداره في كتاب بإذن الله .

كما إلتقى الشاعر علي دمر بالشاعر والأديب مبارك بن إبراهيم بوبشيت ، وهو من رواد أدباء وشعراء الأحساء المعروفين ، من سكان مدينة الطرف ، حيث كان أبو رياض يستضيفه في منزله ، ويتسامران الشعر ويسهران كثيراً في نقاش طويل عن الشعر وعروضه ، وأبو رياض كاتب وشاعر ومعلم ، والشاعر علي دمر شاعر ومعلم ، ويعملان معاً في مهنة التعليم في مدرسة الطرف المتوسطة ، فصارت العلاقة علاقة حميمية .

والشاعر علي دمر عاش وإستقر في آخر حياته في مدينة الطرف ، إحدى مدن واحة الأحساء الجنوبية الشرقية ، وتنقل من بيت إلى بيت ، وزوج إحدى بناته على أحد القبائل البدوية ، من آل مرة من سكان عدوة الطرف ، وأغلب بناته درسن في مدارس الطرف حتى تخرجن من مدارسها .

قصيدة قاهر الصحراء وقصة إنتقاله من جدة إلى الأحساء للشاعر علي دمر :

بعد إستقالته من سوريا عام 1975م ، ورجوعه إلى السعودية بمفرده ، ليعرف مقرإقامته ، عين في جدة ، ثم نقل إلى ( وادي قديد ) ثم رابغ – ثم جدة في نفس العام – وفي الآخر نقل إلى الأحساء – وكان يظن الإستقرار في جدة ، واستأجر واشتري أثاثا كاملا ، وجلب عائلته ، وأدخل أطفاله المدارس ، ولما جاء أمر النقل إلى الأحساء – باع أكثر أثاثه ـ ثم إشتري سيارة شاحنة ، وتعلم قيادتها ، ونقل بها عائلته ، وقليلاً من أثاثه ، وسافر إلى مدينة الهفوف ، فنصب خيمة في عين نجم ، ريثما يفتش عن مسكن فقال هذه القصيدة :

سرت من جدة إلى الأحســــــاء
تتهادى سيارتي إلى العـــــراء

في الضحى والمساء والليل أسرى
وندامي أنجم الظـــــــــــــلماء

سندباداً على بحـــــــــــــار رمال
سابحا في العواصف الهوجاء

سائقا في مدى ثلاث ليـــــــــــال
في الدجى في توهج الرمضاء

وأثاثي وزوجتي وصـــــــــــغاري
في مخابي سيارتي الييضاء

أنا أسري والدهر يسري وهذي ال
أرض تسري في موكب في الفضاء

والمقادير سائقات ولنا
غير ذرات موجة عمــــــــــياء

لست أدري إلى متى أو إلى أين
وماذا بذاتي ما انتـــــــــــهائي

كل علمي أني بدأت جنيــــــــــناً
كان ينمو برغمه في الخـــــفاء

ثم أصبحت سائراً في دروبي
دونما رغبة بغير اهتـــــــــــــداء

أتمنى ولا أنال الأمــــــــــــــاني
كل شيء يأتي بعكس اشتهائي

ثم أسلمت للمقادير حبــــــــــلي
فحياتي كريشة في الهـــــــــــواء

ووصلت الهفوف بعد ليـــــــــــالٍ
قائد النصر واثقاً بازدهـــــــــــار

وتهاديت شاكراً نعمـــــــــــة الله
مغيث الملهوف في الضــــــــــراء

ونصبت الخيام في عين نجــــــم
بين خضر الخمائل الغنــــــاء

وترنمت : شاعر الفيحـــــــــــــــاء
أصبح اليوم قاهر الصحـــــــــراء

عين نجم بالأحساء – 23 تشرين 1/1976م – 29 شوال 1396هـ

  • الشاعر علي دمر وقصته مع المقبرة :

عاش الشاعر في مدينة الطرف في محافظة الأحساء بالمملكة العربية السعودية ، وبحكم قرب منزله من المقبرة ، فكلما يذهب إلى عمله ، ويعود إلى منزله يمر على المقبرة ، حينها يتذكر مصير الإنسان الموت ، حيث يوارى جسمه الثرى ، والشاعر كتب بعض القصائد بعنون : – المصير – آخر المشوار – تحية للمقبرة .. وأخيراً مات الشاعر ، ودفن في المقبرة التي يمر عليها صباحاً ومساءً في مدينة الطرف !!

وكان لسان حاله يقول : أريد أن يكون جسدي قريباً من إبنتي ، التي تزوجت في هذه المدينة التي عشت فيها ، من أحد أبنائها من آل مرة ، فكلما تمر علي هي وزوجها وأبنائها يذكرونني ، ويدعون لي بالرحمة والمغفرة .. وكان أثناء عمله بمدينة الطرف بالأحساء ، يمر بالمقبرة في ذهابه إلى المدرسة وإيابه منها برفقة إبنه محمد، فكان يشير إلى المقبرة ويقول: إنني أرى قبري بين هذه القبور، فيحاول محمد أن يصرفه عن التفكير في هذا الموضوع؛ إلا أن ذلك الهاجس خرج عن مجرد التفكير ليصب شعراً ، يعبر عن الإحساس الصادق فتراه يكتب تحية للمقبرة..

(وقد شكا من صدره ، فذهب به إبنه أنس إلى المستوصف القريب من بيته ، أجلسه على الكرسي فقال الطبيب : خير إن شاء الله ، قال أنس : أبي يشكومن صدره ..
يادكتورفالتفت المريض إلى القبلة ورفع سبابته اليمنى ، وتشهد ومال بعنقه ، كان ذلك في مدينة الطرف بالأحساء بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية .. فقد مات الشاعر علي دمر ، ودفن في المقبرة التي يمر عليها يومياً ، في المقبرة الجنوبية بمدينة الطرف والقريبة من سكنه ، رحم الله الشاعر وأسكنه فسيح جناته)

  • أخر المشوار:

أدنو من الستين ماحققت من
أملٍ سوى فشل مريع هادم

وقطار عمري كاد يقترب مسرعاً
من موقف عند النهاية قادم

ياحسرتي هذي المحطة آخر ال
مشوارآخردرب حلمي الواهم

ويقال أنزل تحت هذي الأرض في
قبر بجوف ترابه المتراكم

وهناك ترقد كل آمالي معي
وتذوب أحزاني ويخمد جاحمي

ما أضيع الأحلام والآمال في
قبر تموت به جميع مزاعمي

الأحساء – الطرف – 1983م

عبدالله بورسيس

عن عبدالله بورسيس

شاهد أيضاً

وارف تقدم تدريبات الارتجال

Share this on WhatsApp صحيفة همة نيوزعبدالله ناصرالعيد نظم نادي وارف للفنون المسرحية والأدائية، التابع ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com