صحيفة همة نيوز بقلم: عبداللطيف الوحيمد..
من المشاهد التي تؤلمني نفسياً مشاهدة عمَّال النظافة وهم يتعلَّقون في حاويات نقل النفايات وهي تنفث العوادم الخانقة طوال تنقلاتها بين الأحياء والشوارع ، ولكم أن تتصوَّروا كميَّة ما يستنشقونه من هذه العوادم طوال سني عملهم، إنها كفيلة بقتلهم لكونها تحمل أول أكسيد الكربون الخانق والمميت ، فقد وقفت ذات مرةٍ خلف حاويةٍ ولم أحتمل الوقوف لدقيقةٍ واحدة من كثافة دخانها وشِدَّة تأثيره على رئتي !! فكيف بهؤلاء العمال الضعفاء الذين يستنشقون دخانها بصفةٍ يوميةٍ وعلى مدى ساعاتٍ طويلة ؟ إنهم في هذه الحالة معرَّضون للموت خلال فترةٍ قصيرة ! ولولا لطف الله لماتوا خلال أيام ! فأين الشركة التي يعملون لديها عنهم؟ أين الإحساس بالمسئولية؟ أين الإنسانية؟ كيف يرضى المشرف عليهم بهذا الوضع الأليم؟ وكيف يسمح له ضميره بالسكوت عن عاملٍ من أخطر العوامل الكفيلة بقتلهم؟ ولا يخفى عليه ما يحتويه أول أكسيد الكربون من مواد سامة وخطيرة وخانقة ومميتة؟ لماذا لم يُخطر الشركة بذلك ويبرئ ذمته؟ وبإمكان الشركة أن تتفاداه بتأمين حاوياتٍ آمنة لا تنفث تلك العوادم القاتلة ! هذا عدا ما ينبعث من صناديق الحاويات من الروائح الكريهة التي لا تُحتمل ولا تُطاق !! ولكم أن تتصوروا أيضاً الزمن الذي يقضيه أولئك العمال في استنشاقها طوال تعلُّقهم بالحاوية المتنقلة طوال تنقلها بين الشوارع والأحياء السكنية، الذي يستغرق الساعات الطوال !! إنها روائح نتنة لا تُحتمل!! فلماذا لا توجد آلية لحمايتهم من أذاها وضررها على صحتهم!! الضرر الفتاك؟ فلو استمروا على هذا الحال لن يطول بهم عمر! فإنهم معرَّضون لأمراضٍ صدرية وتنفسية وقلبية وأمراض في الدم والعيون وغيرها ، مما يعرفه أهل الاختصاص الطبي.
فأتمنى أن يُنظر في وضع هذه الفئة الكادحة والفقيرة والضعيفة!! التي لا تملك لساناً يطالب بحقها! وأن تبادر الشركة المشغلة لهؤلاء العمال المساكين باتخاذ الإجراءات الكفيلة بحمايتهم من المخاطر التي يتعرَّضون لها !! فإن حالهم أسوأ من حال الذين يكنسون الشوارع رغم تعرضهم للغبار الذي لا يقارن ضرره بضرر أول أكسيد الكربون الخانق !! كما أنهم يتقاضون أقل الرواتب التي لا تتكافأ مع ما يبذلونه من جهدٍ ومشقةٍ يستحقون عليها أضعاف ذلك !! فضلاً عما يتعرَّضون له من مخاطر صحيةٍ يستحقون عليها البدلات التي يستحقها غيرهم من ذوي المهن والوظائف الخطرة.
سفير النوايا الحسنة
عضو هيئة الصحفيين السعوديين وهيئة الاعلام المرئي والمسموع
شاعر وكاتب ومؤلف