أخبار عاجلة
الرئيسية > أخبار السعودية > الأحداث التاريخية المسماة في السعودية وأثرها في تشكيل الهوية الوطنية…

الأحداث التاريخية المسماة في السعودية وأثرها في تشكيل الهوية الوطنية…

✍️/بقلم المهندس الإعلامي /زكي عبدالرحمن الجوهر

تُعدّ دراسة الأحداث التاريخية التي مرّت بها الجزيرة العربية، ولا سيما ما عُرف بـ “السنوات المسمّاة”، مدخلًا مهمًا لفهم التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي شهدتها المملكة العربية السعودية. فقد ارتبطت ذاكرة المجتمع السعودي بمسميات مثل “سنة الرحمة”، “سنة الجوع”، “سنة الهدام”، وغيرها، وهي أحداث لم تكن عابرة، بل تركت أثرًا عميقًا على حياة الناس، وأسهمت في بلورة وعي جماعي قائم على الصبر والتكاتف والتطلع إلى الاستقرار.

وتهدف هذه الدراسة إلى استعراض أبرز تلك الأحداث، مع بيان خلفياتها وأثرها، وربطها بالتحولات الكبرى التي مرت بها المملكة حتى العصر الحديث في ظل رؤية 2030.

أولًا: دخول الملك عبدالعزيز الرياض (1319هـ/1902م)

يُعتبر هذا الحدث نقطة البداية الفعلية للدولة السعودية الثالثة، حين تمكّن الملك عبدالعزيز من استعادة الرياض، مما مثّل الشرارة الأولى لتوحيد معظم أجزاء الجزيرة العربية تحت راية واحدة. وقد ارتبطت هذه المرحلة بمعارك عديدة لاحقة مثل معركة البكيرية، روضة مهنا، وحائل.

الأثر: بداية تأسيس الدولة الحديثة، ونهاية مرحلة الفرقة والاضطراب.

ثانيًا: سنوات الحروب والتوحيد (1321–1340هـ)

شهدت هذه الفترة عددًا من الوقائع الكبرى:
• معركة البكيرية (1322هـ): مواجهة حاسمة ضد قوات ابن رشيد.
• معركة روضة مهنا (1324هـ): انتهت بمقتل عبدالعزيز بن متعب آل رشيد، زعيم خصوم الملك عبدالعزيز.
• فتح الأحساء (1331هـ): ضم الأحساء إلى الدولة السعودية، مما عزز مواردها الاقتصادية.
• معركة جراب (1333هـ) ومعركة كنزان (1333هـ): صدامات قبلية وسياسية مهمة.

الأثر: ترسيخ سلطة الملك عبدالعزيز وتوسيع رقعة الدولة.

ثالثًا: سنوات المجاعات والأوبئة
• سنة الطاعون (1247هـ تقريبًا): اجتاح الوباء نجد وبعض مناطق الجزيرة قبل الدولة الثالثة. ترك أثرًا عميقًا في الذاكرة الشعبية.
• سنة الكسوف (1348هـ): كسوف للشمس أثار رهبة بين الناس، وربطوه بكثرة الوفيات والأوبئة.
• سنة الرحمة (1349هـ): انتشر وباء الجدري والكوليرا، وأدى إلى وفاة الآلاف. سميت “رحمة” لكثرة الوفيات حتى قيل إن الله “رحم” الناس من قسوة الحياة.
• سنة الجوع (1361هـ): مجاعة كبرى تزامنت مع الحرب العالمية الثانية وانقطاع الإمدادات. اعتمد الناس على التمر والبر والشعير القليل المتوافر.
• سنة البرد (1367هـ): موجة برد قاسية أضرت بالمحاصيل الزراعية والحيوانات.

الأثر: أظهرت هشاشة الحياة الاقتصادية قبل اكتشاف النفط، وأكدت أهمية الأمن الغذائي والصحي.

رابعًا: سنوات السيول والكوارث الطبيعية
• سنة الغرقة (1374هـ): غمرت المياه الأراضي الزراعية والبيوت.
• سنة السيل الكبير (1373هـ): اجتاحت السيول وادي البطحاء في الرياض وأغرقت الأحياء.
• سنة الهدام (1376هـ): سيول مدمرة اجتاحت بريدة والرياض والأحساء، وهدمت بيوت الطين والأسواق.
• سنة الفيضان (1375هـ/1956م): سيول أغرقت جدة وأدت إلى أضرار جسيمة.

الأثر: دفعت هذه الكوارث الحكومة للتفكير في شبكات تصريف السيول، وبناء مساكن أكثر صلابة.

خامسًا: سنوات الغبار (1392هـ تقريبًا)

شهدت المملكة عواصف رملية شديدة غطت المدن وأثرت على الزراعة والتنقل.

الأثر: عززت الحاجة لتطوير الزراعة المحمية والبنية التحتية الحديثة لمواجهة تقلبات المناخ.

سادسًا: سنوات النفط والتحول الاقتصادي

ابتداءً من 1357هـ (1938م) ومع اكتشاف النفط في الدمام، دخلت المملكة عهدًا جديدًا.

الأثر:
• تأسيس البنية التحتية (طرق، كهرباء، شبكات مياه).
• تحسين الأمن الغذائي والصحي.
• تقليص أثر الكوارث الطبيعية عبر التخطيط العمراني.

سابعًا: مرحلة ما بعد التوحيد وحتى اليوم

بعد إعلان توحيد المملكة عام 1351هـ/1932م، أخذت الدولة على عاتقها مسؤولية تحسين حياة المواطنين. ومع مرور العقود، انتقلت المملكة من بلدٍ يعاني من أزمات متكررة إلى دولة رائدة عالميًا:
• برامج التنمية منذ عهد الملك فيصل والملك خالد.
• التوسع العمراني والاقتصادي في عهد الملك فهد.
• عصر التحولات الكبرى في عهد الملك عبدالله.
• وصولًا إلى عهد الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث تُنفذ رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وبناء مجتمع حيوي مزدهر.

إن استعراض “السنوات المسمّاة” يكشف عن صبر الشعب السعودي وقوة تلاحمه مع قيادته، ويبرز حجم التحولات الهائلة التي عاشتها المملكة. فمن مجتمعٍ واجه المجاعة والوباء والسيول والغبار والبرد، إلى دولةٍ حديثة تقود مشاريع عالمية وتبني مستقبلًا واعدًا.

هذه الأحداث ليست مجرد ذكريات تاريخية، بل هي دروس حضارية تُذكر الأجيال بقيمة الأمن والاستقرار، وأهمية مواصلة البناء على ما تحقق.

✍️/بقلم الإعلامي المهندس زكي عبدالرحمن الجوهر

عبدالله العيد

عن عبدالله العيد

شاهد أيضاً

بالتزكية … “البوعلي” رئيسًا والحماد نائبًا لمجلس إدارة جمعية قبس للقرآن والسنة والخطابة في دورتها الثانية

Share this on WhatsApp صحيفة همة نيوز عبدالله ناصر العيد عقدت الجمعية العمومية لجمعية قبس ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com