الرئيسية > أخبار السعودية > وحيدًا لكن شامخًا ..

وحيدًا لكن شامخًا ..

صحيفة همة نيوز : ماجد إبراهيم الغنيم ..

في زحام الحياة الصاخب، يقف الفقير وحيدًا. لا يملك من حطام الدنيا ما يتباهى به، ولا يمتلك تلك الخيوط المتشابكة من العلاقات التي تُبنى غالبًا على بريق المظاهر أو لذة المصالح.

يراقب هذا الشخص العالم من حوله، يرى كيف تُفتح الأبواب لأصحاب النفوذ والمال، وكيف تُعبد الطرق أمام من يملكون وجاهة اجتماعية.

لكن في أعماق هذا الفقير، تكمن قناعة راسخة بإمكانياته المميزة. يدرك تمامًا ما يملكه من مواهب وقدرات قد تفوق في جوهرها ما يملكه الكثيرون ممن يحيطون به.

الشيء الوحيد الذي ينقصه، كما يرى، هو تلك “العلاقات” التي تُشترى وتُباع في سوق الحياة الاجتماعية، تلك العلاقات التي تفتح أبوابًا قد تظل موصدة دونه بسبب فقره الظاهر.

يدرك هذا الشخص جيدًا أن تلك العلاقات التي تعتمد على المصالح لن تدوم، وأنها لن تبحث عنه طالما أن جيوبه خاوية ومكانته الاجتماعية متواضعة.

لا يملك ما يقدمه من “قيمة” زائفة تجذب إليه الأنظار أو تُغرِي أصحاب النفوذ.

وهنا، يتخذ هذا الفقير قرارًا مصيريًا، قرارًا ينبع من أعماق إيمانه ويقينه.

يقرر أن يبني علاقة من نوع آخر، علاقة أبدية لا تزول ولا تخيب، علاقة مع خالقه ورازقه.

يسلم أمره لله، يرفع أكف الضراعة إلى السماء، ويوكل تدبير شؤونه إلى من بيده ملكوت كل شيء.

يمضي هذا الشخص في حياته، خطواته متواضعة لكنها واثقة، يسير على هدي تدبير الله وتوفيقه.

لا يلتفت إلى الأبواب التي أُغلقت في وجهه، بل يركز على تطوير ذاته وصقل مواهبه، واثقًا بأن الله لن يخذله.

ومع مرور الأيام، تبدأ علامات التوفيق والبركة في الظهور. تُفتح له أبواب لم يتوقعها، تُيسر له أمور كانت تبدو مستحيلة.

يجد نفسه في طريق التميز، لا بسبب علاقات مزيفة أو مصالح دنيوية، بل بفضل منّة الله وكرمه، وبركة دعائه ويقينه.

تلك العلاقات التي بُنيت على المظاهر والمصالح قد تتلاشى وتزول بزوال تلك المظاهر وتغير تلك المصالح.

أما العلاقة مع الله، فهي سند لا يخذل، وعون لا ينضب.

إنها قوة دافعة تتجاوز حدود الفقر والضعف الظاهري، لتنطلق بالإنسان نحو آفاق النجاح والتميز الحقيقي.

فقصة هذا الفقير ليست مجرد حكاية عابرة، بل هي صرخة مدوية في وجه عالم يقدس المادة ويختزل قيمة الإنسان في رصيده البنكي ومكانته الاجتماعية.

إنها تذكير بأن القوة الحقيقية تنبع من الداخل، وأن أغنى الغنى هو غنى النفس واليقين بالله.

فلعل كل واحد منا يرى جزءًا من نفسه في هذه السطور، خاصة عندما يشعر بالوحدة أو التقصير المادي.

لنتذكر دائمًا أن هناك بابًا لا يُغلق أبدًا، وبأن هناك قوة لا تُقهر، وهي قوة الإيمان والتوكل على الله.

﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ).

عبدالله بورسيس

عن عبدالله بورسيس

شاهد أيضاً

شركة لؤي الصالح تستضيف برنامجاً تدريبياً للإسعافات الأولية

Share this on WhatsApp فريق التحرير صحيفه همه نيوز في إطار مسؤوليتها المجتمعية، استضافت شركة ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com