
صحيفة همة نيوز :
بقلم : ماجد إبراهيم الغنيم ..
الحياة ليست إلا تمرة وقهوة
في بساطة الأشياء تكمن أحيانًا أعمق المعاني. وبين يدي، تتجلى لي صورة للحياة في رمزين عريقين:
تمرة حلوة وقهوة مُرَّة.
قد يستغرب البعض لهذه المقارنة، لكن في هذا التباين يكمن سر من أسرار الوجود، وقصة أمل تستحق أن تُروى.
نتجرع في هذه الحياة أقدارًا مختلفة، بعضها حلو كمذاق التمر الشهي، يذوب في أفواهنا ليمنحنا لذة ولحظات سعادة غامرة.. وهي الأفراح الصغيرة والكبيرة، النجاحات التي نحققها، الحب الذي نتبادله، والعلاقات الدافئة التي تغمر قلوبنا بالرضا.
هذه هي حلاوة التمرة التي ننشدها ونسعى إليها.
ولكن، لا يمكن للحياة أن تكون دائمًا بتلك الحلاوة المطلقة. لا بد أن يعترض طريقنا ما يشبه مرارة القهوة الداكنة.
هي التحديات والصعاب، الفقد والألم، الإخفاقات التي قد تصيبنا بالإحباط وتثقل كواهلنا بالهموم. قد نتذمر من مرارة هذه اللحظات، وقد نشعر بأنها لا تطاق، لكنها جزء أصيل من نسيج الحياة.
تكمن الحكمة في إدراك أن هذه المرارة ليست نهاية المطاف، بل هي مقدمة لما هو آت. تمامًا كما أن رشفة القهوة المرة تهيئ حواسنا لتذوق حلاوة التمرة بشكل أعمق وأكثر امتنانًا، فإن التجارب الصعبة تصقل أرواحنا، تزيد من قوتنا، وتعلمنا دروسًا قيمة لا يمكن أن نتعلمها في الرخاء.
عندما نجتاز واديًا مظلمًا، فإن نور الشمس الذي يشرق بعده يكون أكثر إشراقًا. . وعندما نتغلب على عقبة كادت أن تكسرنا، فإن فرحة الوصول إلى الهدف تكون أعظم وأكثر استحقاقًا.
إن مرارة الأمس هي الوقود الذي يدفعنا لتقدير حلاوة اليوم، وهي البوصلة التي توجهنا نحو مستقبل أفضل.
لا تيأس إن شعرت بمرارة الأيام، تذكر دائمًا أن هناك حلاوة تنتظرك في الطرف الآخر. تحلَّ بالصبر، استمد القوة من داخلك ومن حولك، وثق بأن بعد كل عسر يسرًا.
فالحياة، في جوهرها، ليست إلا رحلة بين مرارة قهوة ولذة تمرة. استمتع بكليهما، وتعلم منهما، واعلم أن الحلاوة ستأتي حتمًا بعد أن تتجرع مرارة الصبر والمثابرة.
ففي نهاية المطاف، ستجد حلاوة التمرة التي تستحق عناء رحلة القهوة المرة.