أخبار عاجلة
الرئيسية > أخبار السعودية > مسجد الجبري… تحفة معمارية من القرن الخامس عشر تعكس هوية الأحساء الدينية والعلمية…

مسجد الجبري… تحفة معمارية من القرن الخامس عشر تعكس هوية الأحساء الدينية والعلمية…

صحيفة همة نيوز

عبدالله ناصر العيد

في قلب مدينة الهفوف بمحافظة الأحساء، وتحديدًا في حي الكوت التاريخي، يقف مسجد الجبري شامخًا كأحد أقدم المساجد التي ما زالت تحافظ على طابعها المعماري والديني العريق. هذا المسجد الذي يعود تأسيسه إلى عام 850هـ في عهد دولة الجبور، يمثل شاهدًا حيًا على اهتمام أهالي الأحساء بعمارة المساجد، واعتزازهم بتاريخهم الديني والعلمي.

المؤسس سيف بن زامل الجبري، شقيق مؤسس الدولة الجبرية، أراد لهذا المسجد أن يكون أكثر من مجرد مكان للعبادة؛ فكان مركزًا لدراسة الفقه، ومنارة علمية وروحية لأهل المنطقة، تجمع بين الإيمان والمعرفة.

الطراز المعماري الفريد

يمتد مسجد الجبري على مساحة 2000 م²، ويتميز بطراز معماري تقليدي استخدم فيه الطين، وحجر الطين البحري، المعروف محليًا بـ”الحجر الجبري المشبك”، ما يعكس أسلوب البناء السائد في المنطقة في ذلك الزمن.

يتكون المسجد من:
• آقفبة متقاطعة وأروقة متعددة
• مئذنة أسطوانية بارتفاع يصل إلى 11.5 متر
• سبعة مداخل متنوعة موزعة على مختلف الواجهات

كما يتميز المسجد بأبوابه الخشبية المدعّمة بالمسامير الحديدية، ونوافذه المتعددة التي تجمع بين الشكل الجمالي والوظيفة العملية، فهناك:
• 10 نوافذ مربعة داخل بيت الصلاة
• 6 نوافذ مستطيلة من الحديد والزجاج في المصلى الحديث

جماليات التصميم المعماري

من أبرز ملامح الجمال في تصميم المسجد تناغم الجمل المعمارية (العناصر الهيكلية والزخرفية) التي تعكس براعة الحرفيين في تلك الحقبة. فالأعمدة المتينة المصنوعة من الحجر الطبيعي، والقباب المتقاطعة، تعكس هندسة دقيقة تحقق التوازن بين الجمال والوظيفة. وتوزيع الفتحات والنوافذ يضمن إنارة طبيعية وتهوية فعالة، مما يجعل من التصميم بيئة مريحة ومهيّأة للعبادة.

وتأتي المئذنة الأسطوانية بتصميمها البسيط والمرن كعنصر بصري جذاب يُرى من مسافة بعيدة، بينما تضيف الزخارف الخشبية التقليدية على الأبواب والنوافذ لمسة فنية تعبّر عن هوية المنطقة وروحها التراثية.

مسجد عبر العصور

ما يميز مسجد الجبري أنه لم يكن جامدًا، بل حافظ على أصالته مع مرور الزمن من خلال عمليات ترميم متعددة موثقة، منها:
• عام 1091هـ: صيانة موثقة بلوحة على أعلى المحراب
• عام 1430هـ: تنفيذ ترميمات واسعة
• عام 1437هـ: ترميم بإشراف وزارة الشؤون الإسلامية وهيئة التراث

هوية أصيلة

يمثل مسجد الجبري اليوم أيقونة معمارية وروحية، تعكس الاهتمام الكبير الذي أولاه أهل الأحساء لمساجدهم، حيث لم تكن مجرد أماكن للعبادة، بل حاضنات للعلم، وملتقيات للفقهاء وطلبة العلم، وجزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية والدينية للمجتمع.

مسجد الجبري ليس مجرد مبنى قديم، بل رمز خالد لحضارة دينية ومعمارية تشهد على عمق التاريخ في الأحساء، وعلى مدى ارتباط المجتمع بهويته الإسلامية.

✍️/بقلم المهندس /زكي عبدالرحمن الجوهر

عبدالله العيد

عن عبدالله العيد

شاهد أيضاً

تقيم جمعية نسق للتنمية المجتمعية بمدينة الطرف برنامج الحوار المجتمعي لتعزيز التعايش المجتمع…

Share this on WhatsApp صحيفة همة نيوز عبدالله ناصر العيد تقيم جمعية نسق للتنمية المجتمعية ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com