معشي الشجر..

صحيفة همة نيوز : عبدالله المطلق ..
يتحدث لنا الآباء والأجداد عن قصص كثيراً ما يرددها الكثير من الناس ، وخاصة في الأحساء بروايات مختلفة .
كل حسب وصفه وفهمه للقصة أو الرواية يقول الرواة :
ان رؤية الأشجار في الصحراء تشبه رؤية القادمين من بعيد لا تختلف في شيء !
خاصة إذا كان الناظر لها ضعيف النظر! أو شخص منتظر يتحرى لقادم عليه ، ومن عادة أ هل الصحراء ومن يسافر فيها تحرى معرفة كل مايزول له أويقع في مسافة مد بصره تحرياً لرفقة أو حذر من خطر أو بحثاً عن مفقود من حلال وغيره !
ولهذا تعدد الذين ينتظرون قدوم الضيف ، وتردد الذين جهزوا الوليمة لأزوال رأوها ومنهم ” محمد بن حبيل” من أهالي الطرف واميرهم بمنطقة الأحساء الذي عرف باسم ” معشى الشجر يقول الرواة :
بعد صلاة العصر خرج أمير الطرف إلى صحراء البلدة يتفقدها ومعه حراسه ، فأخذ يلتفت يميناً ويساراً ، فتوجه بنظره جهة الشرق ، فقال لأحد الخدم : أنظر هناك ضيوف قادمين لنا فاذهب إلى الطباخين وخلهم يذبحون الذبائح ويجهزون العشاء ،وطلب منهم أن يحضروا معهم لاستقبالهم بعض اعيان البلد .. فحضر الجميع مع أمير الطرف وانتظروا فترة طويله فلما استبطأهم ! كلف أحد خيالته بالذهاب إلى الضيوف وتحسس خبرهم لعلهم قد أصابهم مكروه !! أو تعرض لهم أحد في الطريق فتأخروا !!
ذهب الخيال إلى الضيوف وكلما اقترب من الضيوف زادت المسافة بينه وبينهم !
فسار الخيال يتتبع الضيوف ، فلما اقترب منهم لم يرى أحداً ! ونادي بصوته ونظر إلى الأرض لعل وعسى أن يجد أثراً فلم يرى شيئاً ! فعاد الخيال للأمير وقال له : طول الله عمرك لم أرى ضيوفاً ولم أرى أثراً على الأرض !!
وإنما رأيت شجر طرفاء وهي أشجار تشبه الإثل .
وأدرك الأمير ” ابن حبيل ” أن الذي رأى هو شجر الطرفاء فطلب من خدمه ان يضعوا الارز واللحم على صفائح ويضعونها في براحة سياله ويعزموا الأهالي لتناول وجبة العشاء ومن اراد أن يأخذ لأولاده اعطوه ، ولاتقصروا على أحد ولسان حاله يقول كما قال الشاعر : ( )
الا يا محمد بن حبيل عشيت الشجر والجار
تحسب ان الشجر ضيفان ياللي تكرم العاني
إلى جا الضيف لابن حبيل يلقى مكرم الخطار
أقول اللي سمعت وشفت مالى مقصد ثاني
فالقصيدة تحكى لنا عن أفعال امير الطرف ” محمد بن حيبل ” عندما استعد وأولم للضيوف ، لكن تبين أنه لم يقبل عليه سوى الشجر الذي يتحرك من بعيد كأزوال لم تتضح معالمها عنده !
ومن المعروف ان الشخص يسقط ما في نفسه على مايراه أمامه فهو والحالة تلك يترقب ، وبكل ترحاب مقدم ضيف ومرور مسافرين ، ولهذا تراءت له الأشجار ضيوفاً ، لأن نفسه كريمة ومحبة للكرم ، وهم الضيوف . ولم يتوقف عند إكمال كرمه عندما تبين أن القادم عليه شجر بل دعا أهل البلدة فأشبعهم .
