قرقيعان الطرف حكاية يوم جميل

       

الطرف – عبدالله المطلق

ما أن تقترب أيام النصف من رمضان إلا وتحن أفئدة الكثير من أبناء الطرف وخاصة الأطفال إلى ذلك الموروث الشعبي والتراثي 《القرقيعان》. وهذه الكلمة الثابت فيها أنها مشتقة من كلمة (قرقعه) وهي إصدار الطرق في ذلك اليوم سواء من الأواني التي كان يحملها الأطفال قديما لجمع العطايا من الحلويات والمكسرات أو من طرق الأبواب على الجيران لطلب تلك العطايا.

أجواء جميلة رائعة مفعمة بالفرح والسرور بدأت مساءا من بعد الإفطار في الرابع عشر من رمضان كما هي في كل عام حيث تزينت أغلب حواري وشوارع وأزقة الطرف بالزينة الخاصة بيوم《القرقيعان》 كالأشجار والسعف  والأضواء البراقة وكذلك كانت أغلب أضواء البيوت الخارجية مضاءة احتفاءا بهذا اليوم حاملة معها طابعا تقليديا خاصا بأهالي الطرف، بعضه موروث وآخر تطور في المجتمع مع مرور الزمن.

ومن عادات يوم 《القرقيعان》 كمثل هذا العام تتسابق الأسر  قبله بزيارة المحلات التجارية لاقتناء أفضل العطايا التي ستوهب عادة للأطفال لتختار منها مايناسبها وعلى ذوقها مما خف حمله كالمكسرات او الحلويات او البسكويت او العصائر أو من مختلف انواع البطاطس المعلبة. وقد تطورت تلك العطايا فأصبحت تخصص بأسم أحد الأبناء خاصة المواليد وتغلف بطريقة مميزة تحمل أسمه وكرت اهداء وتقدم كهدية جميلة للأطفال وكذلك الزوار من الأهالي والجيران حيث تنشط الزيارات والعلاقات الاجتماعية بشكل كبير في هذا اليوم عاكسة ذلك الترابط والحب الذي عرف ومازال يعرف عن مجتمع الطرف الغالي.

تزينت الشوارع في مساء هذا اليوم أيضا بحركة الأطفال الذين لبسوا الملابس الشعبية كالوزار او الطاقية او البخنق خرجوا مجتمعين مسرورين مع بعضهم حاملين معهم  أكياسا جميله ومميزة لجمع العطايا اثناء زيارتهم للبيوت المجاورة مرددين في طريقهم ووقت دخولهم على الجيران أهازيج جميلة:

قرقيعان وقرقيعان
عادت عليكم بالصيام
عطونا الله يعطيكم
بيت مكه يوديكم
وأهزوجة أخرى غالبا يرددها الأولاد:
“سلم ولدهم يا ألله.. خليه لأمه يا الله”

هذه المظاهر الجميلة أضفت أجواء أصالة وعبق لتراث الأجداد والآباء والأمهات. وقد تطورت في مجتمع الطرف لتكون دافعا وسببا في جمع وتواصل أفراد الأسرة في مكان واحد واشاعة الفرح والسرور بينهم . ومما يذكر من جمال هذا اليوم أنه يساهم أيضا في تأليف القلوب وتعميق الحب فقد تطورت فيه العطايا لتشمل الكبار أيضا، فتجد بعض الأبناء يخصون أمهاتهم وآبائهم بهدية خاصة تطعم وتمزج بنكهة القرقيعان الحلويات والمكسرات وكذلك مع بعض الأزواج والمخطوبين الجدد والأصدقاء فيما بينهم.

ومن النشاطات التي كثرت في رمضان هذا العام وتنشط خاصة في يوم 《القرقيعان》ركن أو مايسمى بكشك بيع الأكل الشعبي كالبليلة والفشار، حيث اشتعلت المنافسة بين تلك الأركان في معضم الحواري لجذب أكبر عدد من الأطفال والكبار أيضا، فعمد بعضهم إلى خلق أجواء شعبية جميلة حول ركنه كاحضار الدمى، ورفع اهازيج القرقيعان، وأحيانا اهداء الأكل المجاني بغرض اسعاد الأطفال والتسويق لركنه.

لقد امتدت هذه التظاهرة من الموروث الشعبي عبر الأجيال وحفظوها ولم تندثر لما لها من أثر ايجابي عميق في نفوس الأفراد صغارا وكبارا وهي تتطور مع تطور الزمن وخصوصيته ولكن يبقى فيها شيء واحد جميل يجمع عليه البعض وهو فرحة الأطفال الكبيرة وفرح الكبار بإسعادهم.

وسيم المحيبس

Comments (1)
Add Comment
  • إبراهيم مطر

    بدعة القرقيعان بدعه وفيه فتوى بذلك .
    للأسف نسمع ونتجاهل …