صحيفة همة نيوز : بقلم أ. ماجد إبراهيم الغنيم ..
في رحلة الحياة، تتلاقى دروب وتتصارع رغبات !
هناك من يعيشها بقلب مفتوح، يستقبل النعم بكل ترحاب، ويتلذذ بكل لحظة كما لو كانت هدية لا تتكرر !!
هؤلاء هم من يجدون الجمال في عفويته، واللذة في بساطتها، غير مكترثين بقيود الكمال أو صرامة القواعد ! يرقصون على أنغام الحياة، يرتشفون من كأسها ما لذ وطاب، مؤمنين بأن السعادة تكمن في العيش الحاضر.
على النقيض، يقف آخرون على ضفاف بحر القلق ! تتملكهم هواجس المظهر، وصورة الذات، والبحث الدؤوب عن الكمال المادي.
يراقبون كل لقمة، ويحسبون كل خطوة، في سباق محموم للحفاظ على شكل لا يرى إلا في عيونهم، أو بشرة لا يخدشها زمان.
إنهم يعيشون في سجن من القواعد الذاتية، يخشون الانفلات، ويظنون أن السعادة تتجلى في صقل الصورة الخارجية.
وفي لحظة تتجلى فيها الفطرة الإنسانية، قد يجد صاحب القيود نفسه أمام إغراء لا يقاوم، يكسر حاجز الحذر، ويذيب قيود الإرادة. حينها، يتدفق تيار من المتعة المكبوتة، ليغرق الروح في بحر من اللذة المنسية.
قد يعقب هذه اللحظة شعور بالذنب، أو غضب صامت من “التعدي” على الذات ! تتراقص الأفكار في العقل، وتتصارع المشاعر بين اللوم واللوم المتبادل، وكأن هناك “خيانة” حدثت للمبادئ الراسخة !!
لكن ما يلبث أن ينقشع غبار هذا الصراع الداخلي، حتى تتكشف حقيقة أعمق. فحين تتذوق الروح حلاوة التحرر من القيود، وتستمتع باللحظة بكل ما فيها من بهجة، ينكشف ستار الوهم.
يدرك المرء أن الجمال الحقيقي لا يقاس بمدى صرامة الأنظمة أو دقة المقاييس، بل بمدى انسجام الروح مع ذاتها.
إنها دعوة للتصالح مع النفس، وقبول طبيعتها المتغيرة، وتقبل لحظات الضعف البشري.
إن الحياة ليست مجرد مجموعة من المعادلات والقواعد الصارمة.
إنها مزيج من التناقضات واللحظات العفوية، من السقوط والنهوض. وفي بعض الأحيان، تكون أجمل اللحظات هي تلك التي نتحرر فيها من أسر توقعاتنا، ونسلم فيها للبهجة البسيطة، حتى لو كانت تتمثل في قطعة حلوى. لأن السعادة ليست وجهة، بل هي طريقة سفر.
“لا تدع هوس الكمال يسرق منك بهجة العيش؛ ففي احتضان لحظات العفوية تكمن أعظم الحقائق.